أشرف الحساني يكتب: «ولاد ايزة».. تْبع الكذاب حتال باب الدار

دنيا بوطازوت

دنيا بوطازوت

في 28/03/2024 على الساعة 19:30, تحديث بتاريخ 28/03/2024 على الساعة 19:30

في السلسلة الجديدة « ولاد ايزة » لم ينجح إبراهيم الشكيري في جذب المشاهدين المَغاربة للاستمرار في مشاهدة السلسلة. في وقتٍ خلقت فيه الجدل واستطاعت أنْ تُثير قلق الكثير من الأساتذة الذين وجدوا فيها على حدّ تعبيرهم « تصغيراً وإساءة » من قيمتهم بوصفهم أساتذة يُقدّمون خدمات جليلة إلى أبناء المجتمع.

لن أدخل في تقييم السلسلة من الجوانب الفنية والجماليّة، لكون الأعمال الترفيهية في مُجملها، لا تُؤسّس على مفاهيم فكرية، رغم استنادها في كثير من الأحيان على الواقع. ومع ذلك، فهي لا تستطيع اختراق هذا الواقع، وتُساهم في توسيع مدارات الصورة وجعل الكتابة مُلتحمة بتحوّلات المجتمع المغربي ومآزقه وإشكالاته. لكنّي سأتوقّف هنا عند الجدل العقيم الذي أثاره الأساتذة حول السلسلة وما إذا كانت حقّاً تسخر منهم ومن طبيعة عملهم وشكلهم وثقافتهم ويومياتهم. في حين من يُشاهد حلقات السلسلة، سيجد نفسه أمام حلقات عادية ومُملّة لا تنتقد شيئاً، وإنّما تحاول عن طريق مشاهد يوميّة أنْ تخلق لها أفقاً كوميدياً، مع أنّها لن تنجح في ذلك. فالأسلوب « البدوي » في تقديم الكوميديا استنفذ مادته على مستوى الكتابة واللعب.

وبالتالي، ينبغي البحث عن موضوعات جديدة بها يستطيع السيناريست أنْ يخلق مناخاً تجديدياً لعمله، حتّى يستطيع التأثير في جسد المتلقّي. لم يكُن همّ إبراهيم الشكيري أنْ ينتقد الأساتذة كما خُيّل إلى الذين « فُرض عليهم التعاقد » بقدر ما كان الأسلوب الكوميدي للسلسلة يستدعي تقديم جرعات كوميدية ساخرة لا أكثر. كما أنّ المخرج حين يعمل على سلسلة ما، لا يكون مضطراً لتصوير الواقع بطريقة ميكانيكية، لأنّ ذلك يُعطّل ضمنياً عملية التخييل داخل العمل الدرامي. فما يهُمّ المخرج هو البحث عن منافذ بصرية بها يستطيع إيجاد فضاء بصري، حتّى تستطيع شخصياته أنْ تتحرّك بسهولة.

أعرف مسبقاً أنْ كلّ جدلٍ مجتمعي يُطارد الأعمال الفنية لا يُعوّل عليه. وذلك لأنّه في الغالب ما يكون مبنياً على أحاسيس مُلغمة ومشاعر غير صادقة، تدفع بعض جمعيات المجتمع المدني والمحامون إلى اتباع مساطر قانونية من أجل محاكمة أصحاب الأعمال الفنية. وهذا في حدّ ذاته، يُعتبر نسخة مصغّرة عن مفهوم الرقابة التي تعمد إليها بعض المؤسسات للحدّد من سُلطة الفنّ وتأثيره على المجتمع.

لا فنّ بدون حرية في التعبير وفي طرح قضايا المجتمع على الطاولة من أجل التشريح والفحص والنقد. وهذا في حدّ ذاته، مطبّ العديد من الأعمال الدراميّة المغربيّة، التي لم تستطع أنْ تقتحم موضوعات ذات صلة بالسياسة والتاريخ والذاكرة والجنس والدين، فتأتي هذه الأعمال خلال شهر رمضان، أشبه بأعمال كوميدية رخيصة تُنجز عند الطلب ويكون هاجسها الترفيه المحض.

لماذا يُحاسب المجتمع الفنان؟ أليس الفنان جزءً من هذا المجتمع نفسه؟ أم أنّ حدس الأوّل يقوده إلى التفكير في قضايا لا مفكّر فيها من لدن المجتمع والذي يعتبرها نقداً وسخرية منه؟

تحرير من طرف أشرف الحساني
في 28/03/2024 على الساعة 19:30, تحديث بتاريخ 28/03/2024 على الساعة 19:30