وبينما تتراجع درجات الحرارة إلى مستويات تلامس الصفر في بعض الفترات، يلجأ السكان المحليون إلى طرق تقليدية وعصرية لمقاومة البرد، اعتمادا على ما توارثوه من خبرة، وما توفره الطبيعة من موارد.
وفي هذا السياق، يؤكد محمد قاضي، أحد أبناء فكيك، أن مواجهة البرد تبدأ من المائدة، معتبرا أن التغذية السليمة تشكل خط الدفاع الأول، إذ يعتمد كثيرون على مواد طبيعية مثل «السمن البلدي»، المعروف بقدرته على تدفئة الجسم.
وأضاف، في تصريح لـLe360، أن جمع الحطب وإشعال النار يظل عادة راسخة في البيوت الفكيكية، خاصة في القرى والبوادي التي ما زالت تعتمد على الدفء التقليدي.
ولا تقتصر مواجهة البرد على الغذاء فقط، بل تمتد إلى الأعشاب الطبيعية التي تزخر بها المنطقة، حيث يوضح قاضي أن فكيك تمتاز بأنواع متعددة من الأعشاب مثل «إكليل الجبل»، و«المريوت»، و«العرعار»، و«الشيح»، وغيرها، وكلها تدخل في وصفات غذائية وعلاجية، مشيرا إلى استخدام أعشاب مثل «المريوة» و«الزعتر» و«إكليل الجبل» لعلاج حالات انخفاض الضغط خلال فصل البرد.
ومن بين أبرز الأعشاب التي يعتمد عليها السكان، يذكر قاضي عشبة نادرة تُعرف محليا باسم «ألّال»، وتنبت فقط في منطقة «سيقري» بناحية «تندرارة»، مبينا أن هذه العشبة تُضاف إلى أطباق مثل الحريرة، ولها قدرة كبيرة على تدفئة الجسم والوقاية من التهابات الحلق، مما يجعلها جزءً أساسيا من تقاليد مواجهة برد الشتاء.
من جانبه، يوضح الطيب الجابري، فاعل جمعوي من فكيك، أن التغذية الدسمة تُعد إحدى أهم وسائل الوقاية في هذه الفترة، إذ يعتمد السكان على السمن البلدي الذي يُؤكل ويُستخدم للدهن في الوقت نفسه، وهي طريقة، حسب الجابري، كانت ولا تزال فعالة ضد البرد، مشيرا، في تصريح مماثل، إلى أنه في السابق كانت المنازل تُدفأ بطريقة «الإلمسي»، وهي وسيلة تقليدية تُشعل فيها النار بطريقة تسمح بتدفئة البيت بالكامل، وتساهم في القضاء على الحشرات.
وأكد المتحدث نفسه أنه، ورغم تطور أساليب الحياة، تظل التغذية الغنية بالسكريات والتمر عنصرا أساسيا، خاصة أن واحات فكيك معروفة بإنتاج تمورها، مضيفا أنه يجري الاعتماد أيضا بشكل كبير على السمن وبعض الدهنيات التي تُستخدم لدهن المفاصل وأجزاء من الجسم، لتعزيز الدفء ومقاومة تأثيرات البرد القارس.
وبين موروث الأجداد وطرق العصر، يواصل سكان إقليم فكيك مجابهة برد الشتاء القارس والقاسي بوسائل تجمع بين البساطة والفعالية، مستندين إلى خبرات محلية تشكل جزء من هوية المنطقة وذاكرتها.




