وكانت المحكمة ذاتها قد قضت في المرة الأولى، بتجريد كل من البرلمانيين عبد المنعم الفتاحي عن حزب الاستقلال، والمصطفى الخلفيوي عن حزب الأصالة والمعاصرة من عضوية مجلس النواب بدائرة الدريوش، لتقوم بإلغاء مقاعد هذه الدائرة للمرة الثانية، ويتقرر إسقاط مقعد النائبين البرلمانيين محمد فضيلي ويونس أشن، وإعادة الانتخابات بهذه الدائرة للمرة الثالثة على التوالي، وذلك بعد طعن تقدم به منافسهما عن حزب الاستقلال.
وفي قرارها الصادر أول أمس الثلاثاء، رفضت المحكمة الدستورية الطعون المقدمة ضد كل من عبد المنعم الفتاحي عن حزب الاستقلال، ويونس أشن باسم حزب الأصالة والمعاصرة، من طرف منافسهما محمد فضيلي المنتمي لحزب الحركة الشعبة، ومرشح ثان و12 ناخبا، طالبوا بإلغاء نتائج الانتخابات الجزئية البرلمانية التي أجريت بالدريوش في 13 يونيو الماضي.
وحسب قرار المحكمة الدستورية، الذي يتوفر le360 على نسخة منه، فإنها اطلعت على أربعة عرائض سجلت بأمانتها العامة، الأولى قدمها محمد فضيلي بصفته مرشحا، طالب فيها إلغاء انتخاب عبد المنعم الفتاحي، والثلاثة المتبقية قدمها مرشح آخر و12 ناخبا، لنفس الطلب والمتعلق بإسقاط يونس أشن من المقعد الذي فاز به في مجلس النواب.
وأبرز المصدر ذاته أن مرشح السنبلة استند في طعنه ضد الفتاحي، على ترشح الأخير باسم حزب سياسي وهو لا يزال يرأس حزبا آخر، وأن الاستقالة التي تقدم بها لم توجه إلى المؤتمر باعتباره الجهة المختصة والوحيدة لقبول استقالة المسؤول الوطني للحزب، لكن وحسب المحكمة الدستورية « إن المطعون في انتخابه قدم استقالته، كما هو ثابت من أوراق الملف، إلى الجهاز المختص داخل الحزب الذي كان ينتمي إليه في 12 يوليو 2021، وأن هذا الجهاز توصل بها في نفس اليوم، وأنه أودع ترشيحه باسم حزب سياسي آخر في 29 ماي 2023، أي في تاريخ لاحق على تقديم استقالته، مما لا يكون معه المطعون في انتخابه وقت إيداع ترشيحه منتميا لحزبين في آن واحد »، وهو ما اعتبرته المحكمة مأخذ « غير قائم على أساس صحيح ».
وفيما يتعلق بالطعن الموجه ضد يونس أشن، اعتبرت المحكمة أن أخذ أهلية الترشح، ذهب إلى « أن المعني انتمى في ظرف أقل من تسعة أشهر لثلاثة أحزاب سياسية مختلفة من حيث البرامج والتصورات، الشيء الذي يمس بنزاهة وبشفافية الانتخابات، وأنه لما أودع ترشيحه كان ولا يزال كاتبا إقليميا لشبيبة حزب سياسي دون أن يستقيل منه، ثم التحق بصفوف حزب سياسي آخر، وترشح باسمه للانتخابات التشريعية الجزئية التي أجريت في 29 سبتمبر 2022، ثم إنه كذلك لم يقدم استقالته من هذا الحزب الأخير إلا عشية بدء إيداع الترشيحات المتعلقة بالانتخابات الجزئية موضوع الطعن، مما جعل المطعون في انتخابه، حين ترشحه برسم الانتخابات المجراة يوم 13 يونيو 2023، يكون منتميا لأكثر من حزب سياسي واحد وترشيحه مخالفا لمقتضيات المادة 21 من القانون التنظيمي المتعلق بالأحزاب السياسية ويتعين تبعا لذلك إلغاء انتخابه ».
لكن، المحكمة الدستورية كان لها رأي آخر، حيث أوضحت أن المادتين 23 (فقرة ثامنة) و24 (فقرة رابعة) من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب تنصان، على التوالي، وبصفة خاصة، أنه: « يجب أن ترفق لوائح الترشيح المقدمة من قبل المترشحين ذوي انتماء سياسي بتزكية مسلمة لهذه الغاية من لدن الجهاز المختص في الحزب السياسي أو تحالف الأحزاب السياسية الذي تتقدم باسمه اللائحة... »، وعلى أنه: « لا تقبل لوائح الترشيح التي تتضمن أسماء أشخاص ينتمون لأكثر من حزب سياسي واحد... »؛ وحيث إن الطرف الطاعن لم ينازع في كون المطعون في انتخابه سابق ذكره، قد استقال من الحزب الذي كان ينتمي إليه، وأنه أدلى رفقة مذكراته الجوابية الثلاث بنسخ مصادق عليها من استقالته من الحزب الذي كان ينتمي إليه مؤرخة في 11 ماي 2023، بلغت بناء على أمر صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالرباط إلى كاتبة بالمقر المركزي للحزب الذي كان ينتمي إليه المطعون في انتخابه بتاريخ 25 ماي 2023، كما هو ثابت من محضر التبليغ عدد 1402/23 المنجز من طرف مفوض قضائي مؤرخ بنفس التاريخ.
وحيث إنه، بصرف النظر عن توقيت اتخاذ قرار الاستقالة وسياقه، فإنه يبين من خلال الاطلاع « على الوصل النهائي عن لائحة إيداع ترشيحه »، والمستحضر من قبل هذه المحكمة، أن المطعون في انتخابه المعني قدم ترشيحه في 26 ماي 2023، أي في تاريخ لاحق على تقديم استقالته، وخصص له رمز الحزب الذي ترشح باسمه، مما لا يكون معه هذا الأخير، منتميا وقت إيداع ترشيحه لأكثر من حزب سياسي واحد، ويكون المأخذ المتعلق بالأهلية غير قائم على أساس.
وبخصوص الحملة الانتخابية وسير الاقتراع، فقد اتهم الطاعنون، استعمال منافسهم للمال لشراء الذمم بمعية والده وأخيه، قبل موعد الاقتراع بثلاثة أيام، واستمروا في ذلك طيلة يوم الاقتراع، مما أساء إلى العملية الانتخابية برمتها وأثر على نتائجها في مخالفة للمادتين 62 و64 من القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، وبأنه (المرشح) عمد رفقة المرتب ثانيا في لائحة ترشيحه إلى توزيع وتعليق منشورات انتخابية تتضمن صورا فوتوغرافية قديمة لهما، لا تعكس سنهما الحقيقي، في خرق لمقتضيات المادة الرابعة من المرسوم رقم 2.16.669 الصادر بتاريخ 10 أغسطس 2016 المتعلق بتحديد الأماكن الخاصة بتعليق الإعلانات الانتخابية بمناسبة الانتخابات العامة لانتخاب أعضاء مجلس النواب، مما يشكل تدليسا حقيقيا ومساسا بنزاهة وبشفافية الاقتراع.
وطعن أيضا، في نشر أوشن على صفحة موقع إلكتروني، نداء إلى ساكنة إقليم الدريوش من أجل التصويت لفائدته، يتضمن مغالطات ومعطيات زائفة من قبل أنه من فتح مركز الشرطة لإعداد بطاقة التعريف الوطنية بالدريوش، وكذا مجموعة من المصالح الإدارية الأخرى، والحال أنها مهام مسندة لجهة رسمية بقانون، مما يجعل انتخابه مشوبا بالمس بنزاهة وبمصداقية العملية الانتخابية.
وقالت المحكمة، إنه، من جهة أولى، أن الطرف الطاعن لم يدل بأي حجة تثبت ادعاءه المتعلق باستعمال المال من قبل المطعون في انتخابه؛ وثانيا لئن جاء الادعاء مجردا بهذا الخصوص، فإنه ليس في القانون ما يمنع استعمال صور شخصية قديمة من قبل المترشحين في اللائحة، مما يبقى معه الادعاء غير جدير بالاعتبار، وأخيرا أبرزت المحكمة أن الفيديو المطعون فيه يبين من الاطلاع على مضمونه عدم صحة الادعاء، فضلا عن أن المطعون في انتخابه أكد في مذكرته الجوابية بأنه لم يصدر عنه أي تصريح زائف أو مغلوط بمناسبة توجيه ندائه إلى الناخبين في إطار الحملة الانتخابية، وهي المآخذ التي اعتبرتها المحكمة الدستورية غير مجدية وغير قائمة على أساس صحيح.