وقد جاء هذا القرار النبيل، حسبما أفادت به مصادر خاصة من المشيخة لـ le360، حفاظا على لحمة الصف الروحي داخل الزاوية، وتجسيدا لنظرة استشرافية عميقة تضع مستقبل الطريقة ووحدتها فوق أي اعتبارات شخصية، بما يضمن استمرار إشعاعها الروحي، ودورها في ترسيخ قيم التزكية والتربية، وهو موقف حسب المصادر نفسها، يعكس وعيا عميقا بخطورة الانقسام على الكيان الروحي، وإدراكا راسخا بأن قوة الزاوية تكمن في وحدة قلوب مريديها ومحبّيها.
وأفادت المصادر ذاتها، أن «مولاي منير سيواصل من موقعه، في خدمة العرش العلوي المجيد، تحت القيادة الحكيمة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيّده، والوفاء لثوابت الأمة المغربية، وفي مقدمتها إمارة المؤمنين، التي تمثل الضامن لوحدة البلاد الروحية والدينية، والمرجعية العليا في صون المذهب المالكي والهوية الإسلامية الوسطية».
وحسب مصادر من داخل الزاوية، يُنظر إلى هذا التنازل كدرس بليغ للتجمعات البشرية في البلاد، التي كثيرا ما تتفرق بسبب الخلافات الشخصية، إذ تشكل الطريقة القادرية البودشيشية، إلى جانب الطرق الصوفية الأخرى كالتيجانية والقادرية، جزءً أصيلًا من النسيج الثقافي والروحي للمغرب.
وفي خطوة استشرافية لضمان استمرارية المنهج الروحي للطريقة، كان الشيخ الراحل مولاي جمال الدين القادري بودشيش قد أعلن عن وصيته بانتقال الأمانة الروحية من بعده إلى نجله الأكبر، مولاي منير القادري بودشيش، خلال إحياء الذكرى الثامنة لوفاة والده وشيخ الطريقة السابق، حمزة بن العباس، وذلك بمقر الزاوية في مداغ بإقليم بركان.
وقد جاء هذا التنازل، بحسب ما أفاد به المصدر ذاته، نتيجة لرؤية منير الثاقبة، وأن لأخيه معاذ «التدبير الإداري لشؤون الزاوية»، مبينا أن مولاي منير لم ينظر إلى «حب الرئاسة والأنانية»، بل أدرك جيداً عواقب أي انقسام قد يصيب الطريقة.
وشدد المصدر ذاته، على أن الشريف سيبقى خادما لسر الطريق، ولرسالتها الإنسانية النبيلة، والمتمحورة حول نشر قيم السلم والسلام والتعايش وحوار الحضارات، والتشبث بالثوابت الدينية والوطنية للمملكة المغربية، والتي عمادها الوفاء للعرش العلوي المجيد، وإمارة المؤمنين.
