كشف مصدر أمني أن مصالح الأمن بإنزكان فتحت بحثا قضائيا على خلفية تسجيل وفاة سيدة مباشرة بعد وصولها في حالة صحية حرجة يوم السبت الماضي إلى المستشفى بمدينة إنزكان، حيث أظهرت التحريات والأبحاث الأولية المنجزة إخضاعها لعملية إجهاض غير قانونية خارج المستشفى، قبل أن يتم نقلها إلى هذه المؤسسة الاستشفائية بعد تدهور حالتها الصحية.
ووفق المصدر ذاته، فقد أظهرت الأبحاث تورط المشتبه فيها الرئيسية في إجراء عملية إجهاض بطريقة تقليدية للضحية داخل أحد المنازل بمدينة إنزكان، وذلك بإيعاز من أحد الموقوفين وبوساطة من الموقوفة الثالثة، قبل أن يتم استكمال هذه العملية داخل عيادة طبية يملكها الطبيب الموقوف، حيث تدهورت حالتها الصحية وتوفيت بعد نقلها إلى المستشفى المحلي.
وأضاف المصدر أنه تم الاحتفاظ بالمشتبه فيهم الثلاثة تحت تدبير الحراسة النظرية، بينما تم إخضاع الطبيب لإجراءات البحث القضائي الذي يجري تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك قبل أن يتم تقديمهم أمام النيابة العامة صباح اليوم الثلاثاء.
ولا يسمح القانون المغربي بالإجهاض إلا في حالة وجود خطر على صحة الأم. عدا ذلك، ينص على معاقبتها بالسجن من ستة أشهر إلى عامين، بينما ترتفع العقوبة إلى خمسة أعوام بالنسبة للطبيب أو أي شخص يقوم بإجراء العملية.
حوادث متواترة
تأتي هذه الواقعة بعد مضي أشهر قليلة على مأساة وفاة طفلة قاصر أثناء عملية إجهاض سري بمدينة ميدلت، والتي أحيت دعوات المجتمع المدني والحقوقي إلى فتح النقاش حول تقنين الإجهاض في المغرب.
وتوفيت الطفلة مريم، البالغة من العمر 14 عاما، يوم 7 شتنبر 2022، بعد أن تعرضت للاغتصاب واضطرت بعدها إلى الخضوع للإجهاض سري وغير آمن نتج عنه نزيف حاد.
إقرأ أيضا : خطير..1400 حالة إجهاض يوميا في المغرب
وبعد مأساة الطفلة مريم، اعتقلت قوات الدرك الملكي والدة الضحية وممرضة وصاحبة المنزل الذي تم فيه الإجهاض السري، واعتقل بعد ذلك شخص رابع يشتبه بأنه « قدم المساعدة أثناء الإجهاض »، غير أن جمعيات حقوقية ناشطة في مجال الدفاع عن حقوق النساء استغلت الواقعة ودعت إلى مراجعة شاملة للقانون الجنائي مبنية على مقاربة حقوقية من حيث فلسفته وبنيته ولغته ومقتضياته، بما يتلاءم مع الدستور والمواثيق الدولية.
نقاش محتدم حول تقنين الإجهاض
لا توجد أرقام رسمية حول عدد حالات الإجهاض غير الآمن التي تجرى في المغرب، غير أن الطبيب النسائي شفيق الشرايبي، مؤسس « الجمعية المغربية ضد الإجهاض السري »، لا يفتأ يردد أن عدد عمليات الإجهاض السري بالمغرب تتراوح ما بين 50 ألف إلى 80 ألف حالة في السنة، بمعدل 200 عملية يوميا.
وقد مرت سنوات على احتدام نقاش ساخن مجتمعي وسياسي حول الإجهاض بالمغرب، تدخل على إثره الملك محمد السادس وأمر، في مارس من عام 2015، لجنة مكونة من وزير العدل والحريات ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية ورئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان بإطلاق مشاورات، بهدف مراجعة القوانين المنظمة للإجهاض في المملكة.
وخلصت اللجنة بعد شهرين من النقاش إلى السماح بالإجهاض في الحالات التالية: عندما يشكل الحمل خطرا على حياة الأم، الحمل الناتج عن الاغتصاب وزنا المحارم، وإذا ما لاحظ الأطباء وجود تشوهات خلقية خطيرة وأمراض صعبة تهدد الجنين. لتنتقل الكرة إلى الحكومة التي صادقت على مشروع قانون في 2016.
بيد أن هذا المشروع بقي يراوح مكانه إلى اليوم بين أيدي لجنة العدل والتشريع البرلمانية، التي يتمثل دورها في التحضير للقوانين قبل عرضها للتصويت أمام البرلمان.
وسبق لشفيق الشرايبي أن عبر، في تصريحات صحفية، عن « أسفه لغياب إرادة سياسية من أجل تغيير قانون عفا عنه الزمن، يعود للعام 1963″.