فالأجواء الروحانية والإيمانية التي تميز شهر الصيام جذبت انتباه ياسر الذي يتطلع حقا إلى خوض تجربة يومه الأول من الصيام رغم تحفظ أم تساورها مخاوف بشأن التأثيرات المحتملة لامتناع صغيرها عن الطعام، في الوقت الذي يشجعه والده على استكشاف الطقوس الدينية لعالم البالغين .
وعلى غرار ياسر، ينتظر آلاف الأطفال بفارغ الصبر قدوم الشهر الكريم لأداء الركن الرابع من أركان الإسلام وعيش تجربة رمضان بالكامل. وأبرز محمد خروبات، أستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بجامعة القاضي عياض بمراكش، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء أنه على الرغم من أن الصيام ليس مفروضا إلا على البالغين، غير أنه يمكن للوالدين تشجيع أبنائهم على التدرج في أداء هذه الشعيرة من خلال صوم نصف يوم مثلا ثم الانتقال بعد ذلك إلى صيام يوم كامل.
وفي هذا الصدد، حث الأستاذ الجامعي الآباء على أن تكون البداية بشرح أهداف الصيام لأطفالهم وبلغة بسيطة، لتعزيز قناعتهم بفضائل هذه الشعيرة وثمراتها في الحياة الدنيا وفي الآخرة.
واعتبر أن الأمسيات الرمضانية الروحانية وارتياد المسجد لأداء صلاة التراويح تمثل أيضا عوامل إضافية لتحفيز الأطفال، داعيا الآباء إلى تشجيع أطفالهم من خلال منحهم هدايا في حالة الصيام حتى منتصف النهار مع إقامة احتفال في مستوى الحدث إذا صاموا يوما كاملا.
وعلى المستوى الطبي، ينصح باستشارة طبيب الأطفال لتقييم مدى قدرة الطفل على الصيام. وبالنسبة لطبيب الأطفال خالد بوحموش فإن الحرص على تناول الطفل لوجبة متوازنة وغنية قبل الصيام وبعده، وكذا تتبع وضعه الصحي تمثل دعامات أساسية للحفاظ على صحة جيدة خلال شهر رمضان.
وشدد الدكتور بوحموش على ضرورة التأكد من أن الطفل يتناول وجبات متوازنة قبل الصيام. وينبغي أن تشمل الكربوهيدرات المعقدة مثل الحبوب الكاملة والقطاني والخضر الغنية بالألياف، وكذا البروتينات الخالية من الدهون، من قبيل الدجاج والأسماك والبيض. يضاف إلى ذلك الفواكه والخضروات والمعادن ومضادات الأكسدة التي تقوي جهاز المناعة وتعزز صحة مثالية.
وتابع أن هذا الشهر الفضيل يعتبر فرصة فريدة للأطفال لتقوية إيمانهم وعيش تجربة غنية على المستوى الشخصي والروحي.
وأكد أن دور الوالدين جوهري في ضمان تجربة رمضانية إيجابية لأطفالهم. فمن خلال خلق أجواء عائلية روحانية، يتم تشجيع الأطفال على الغوص الكامل في طقوس هذا الشهر المبارك.
وبالإضافة إلى الجانب الروحي، يبقى من المهم اقتراح أنشطة صحية وترفيهية على الأطفال لمساعدتهم على استغلال الوقت بشكل بناء (ألعاب جماعية، قراءة، أنشطة يدوية) فضلا عن المشاركة في ورشات لإعداد وجبة الإفطار، أو حتى القيام بزيارات للعائلة والأصدقاء.
وبما أن رمضان هو أيضا شهر العطاء والكرم، فإن تشجيع الأطفال على التعاطف مع الفئات الأكثر حرمانا، لاسيما من خلال المشاركة في الأعمال الخيرية أو توزيع وجبات الإفطار على المحتاجين، يساعد على زيادة وعيهم بقيم التضامن والتعاضد التي هي جوهر الإسلام.