وفي كلمة افتتاحية، أبرز رئيس اللجنة محمد العمرتي عضو الجمعية المغربية للقانون الدستوري، ورئيس مركز الدراسات والبحوث في الهجرة واللجوء وحقوق الإنسان، أن اللجنة توصلت بمعلومات وإفادات وتبليغات بخصوص تسخير الأطفال في التسول بمدينة الناظور، وهو ما دفعها، بناء على القانون المنظم لها، إلى إجراء بحث ميداني استطلاعي، للوقوف على مسببات الظاهرة، وسبل الحد منها.
وأشاد المتحدث ذاته بالمجهودات المبذولة من طرف اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بجهة الشرق، في شخص أعضاء مهمتها الاستطلاعية بالناظور، الذين قاموا بعقد لقاءات مع مجموعة من الفاعلين المؤسساتيين والحقوقيين والجمعويين، خلُصت إلى اعتراف بوجود الظاهرة، وضرورة توحيد الجهود للحد منها، مؤكدا أن المناسبة كانت مفتاحا لمواصلة العمل على الموضوع، وتوسيع الرقعة الجغرافية له، لتشمل باقي أقاليم الجهة، ومشيرا إلى وجود نقص في مستويات الالتقائية لمعالجة المشكل، وهو أمر يجب تداركه في القريب العاجل، حسب رئيس اللجنة.
إثر ذلك، استعرض محمد أوسار عضو اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بجهة الشرق فرع الناظور، المعطيات الرقمية التي تم تجميعها خلال العمل الميداني، حيث أبرز أن 75% من المتسولين يستغلون أطفالا في التسول، 39% من هؤلاء الأطفال المستغلين يصبحون من ذوي الاحتياجات الخاصة، جراء ما يتعرضون له من سوء معاملة وعنف من طرف مستغليهم، و%66 من الأطفال المسخرين في التسول، تتراوح أعمارهم بين شهر وأربع سنوات، و27% من الأطفال تقل أعمارهم عن 12 شهرا.
وبين أوسار أنه تم الشروع في تجربة وطنية على مستوى مدن الدار البيضاء وسلا والرباط، سيتم تعميمها على مستوى المملكة، وتندرج ضمن الخطة الوطنية لحماية الطفولة من التسول، معتبرا أن حل هذه الظاهرة يمر عبر عدة مقاربات، وعلى عدة مستويات، أولها التسريع بتغيير القانون الجنائي، والرفع من عقوبات المستغلين للأطفال، وصولا إلى توفير الحماية لهم، مطالبا باستنساخ بعض المبادرات الإنسانية التي أطلقتها فعاليات جمعوية، كمبادرة " الخير لي دير فيه متعطيهش « ، وذلك لمحاربة هذه الظاهرة.
وفي السياق ذاته، أكد أوسار أن أعضاء المهمة الاستطلاعية، وقفوا على حالات حية للظاهرة، بالإضافة إلى مقاطع فيديو وصور لاستغلال الأطفال، مبينا أن المستغلين إما من عائلات الأطفال، أو عن طريق كراء الأطفال، ولأوقات متأخرة من اليوم، دون احترام لأي حق من حقوق الأطفال، مشيرا إلى وجود شبهات حول احتراف هذه العائلات للتسول، ومضيفا أن أعضاء اللجنة عقدوا عدة لقاءات مع مسوؤلين محليين، كعامل إقليم الناظور، والوكيل العام للملك بالناظور، ورئيس منطقة أمن الناظور، ومدير التعاون الوطني بالناظور، حيث خلصت هذه اللقاءات إلى ضرورة تجند الجميع من أجل القضاء على هذه الظاهرة المشينة.
وأورد المتحدث نفسه، أن هؤلاء المسؤولين التزموا كل من جهته، بتوفير أجنحة بمراكز الإيواء للأطفال المستغلين، وتوفير بدائل شغل لأولياء الأمور، وكذا تكثيف العمل القضائي لزجر المخالفين، ومعاقبة المستغلين وتسيير دوريات مشتركة بين الأمن والسلطة المحلية لمحاربة الظاهرة، بإيقاف المخالفين بتنسيق مع النيابة العامة.
وفي استعراضه للصعوبات، أكد عضو اللجنة الجهوية أن غياب مركز إيواء متخصص، يبقى أكبر عقبة في تحقيق محاربة شاملة للظاهرة، بالإضافة إلى ضعف في التنسيق بين السلطات الأمنية والترابية في التعامل مع الظاهرة، داعيا إلى تفعيل مجموعة من النصوص الزجرية الحالية، كحلٍّ مؤقت لمحاربة الظاهرة، في أفق سن قوانين جديدة أكثر صرامة، وتشديد المراقبة والملاحقة الأمنية للمتورطين بشوارع المدينة، كما طالب بمقاربة مندمجة تراعي الواقع الاجتماعي والإنساني عموما، مضيفا أن العمليات الفعلية انطلقت يوم 10 ماي الجاري، بحضور ممثلي السلطات الأمنية والقضائية والترابية، بالإضافة إلى أعضاء من اللجنة الجهوية، لتنزيل ما تم الاتفاق عليه، حيث تم تعيين باشا المدينة وعميدة الشرطة رئيسة فرقة الأحداث، كلجنة مصغرة للتنسيق والتدخل اليومي.
وخلص التقرير المنجز إلى توصيات عديدة، أبرزها الاستمرار في تتبع نتائج العمليات، وتقييم عوامل تأثيرها واستدامتها، واستثمار إيجابيات التجربة في أفق تعميمها على باقي الأقاليم، وتوجيه تقرير عن المهمة وخلاصاتها للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، وكذا عقد شراكات مع المجتمع المدني العامل في مجال الطفولة ومحاربة التسول.