للإجابة عن هذه التساؤلات، انتقلنا إلى مقر المديرية الجهوية لوزارة الإنتقال الطاقي والتنمية المستدامة بالدار البيضاء، والتقينا بمديرها مصطفى نجاح، الذي أكد لنا أن كل المنتجات البترولية تخضع لمراقبة دقيقة منذ استيرادها وإلى غاية وصولها للمستهلك.
إقرأ أيضا : رداءة الوقود بالبيضاء.. وزيرة الانتقال الطاقي تكشف التفاصيل
توجد بالمغرب أكثر من 3100 محطة لتوزيع المحروقات، 800 منها بجهة الدار البيضاء-سطات، وهناك 27 شركة مرخص لها باستيراد المواد البترولية و34 شركة مرخص لها بتوزيع هذه المواد.
وتخضع جميع الشحنات المستوردة من قبل الشركات المرخصة لمراقبة دقيقة وتحاليل مخبرية للتأكد من جودتها عند استيرادها، وخلال عملية تخزينها وبعد توزيعها على مستوى المحطات.
وعن عملية مراقبة جودة المحروقات الموزعة بالمملكة، أفاد مصطفى نجاح، المدير الجهوي لقطاع الانتقال الطاقي، في تصريح لـLe360، بأن هذه العملية تقوم بها مصالحَ المديريات الجهوية والمديريات الإقليمية لقطاع الانتقال الطاقي، وذلك عن طريق التوجه للمحطات التي يتم تحديدها وفق برنامج عمل مسبق، وأخذ 4عينات من كل محطة، اثنين من الكازوال واثنين من البنزين. عينة واحدة من كل مادة يتم توجيهها للمختبر من أجل التحليل والعينتان المتبقيتان يتم الاحتفاظ بهما على مستوى المحطة «كعينة شاهدة» وذلك بعد إغلاقهما بإحكام من قبل مصالح المراقبة، إلى جانب مراقبة مستودعات التخزين.
إقرأ أيضا : بالصور: الغش والمضاربة في المحروقات يقودان 18 شخصا للاعتقال
بعد صدور نتائج التحاليل، يضيف المسؤول، «إذا كانت النتائج مطابقة للمواصفات الواردة في القرار الوزاري، يتم إخبار المحطة المعنية، أما إذا كانت غير مطابقة فيتم تحرير محضر مخالفة وإرساله إلى الوكيل العام لدى المحكمة الزجرية لاتخاذ الإجراءات القانونية».
وعلى المستوى الوطني، هناك مختبر وطني و4 مختبرات جهوية بكل من مدن طنجة مكناس مراكش وأكادير، تقوم باستلام العينات التي تم جمعها من قِبل المديريات الجهوية والإقليمية التابعة للوزارة والعينات المرسلة من قبل مصالح الجمارك وشركات النفط، وتحليلها من قبل خبراء ومختصين و باستعمال معدات وأجهزة متطورة، وذلك للتعرف عن ما إذا كانت تستجيب للمعايير المعمول بها على المستوى الوطني، والتأكد من جودتها وخلوها من أي إضافات مشبوهة، وفق ما أكده محسن زايدي، رئيس قسم مختبرات الطاقة والمعادن.
إقرأ أيضا : رخيص الثمن .. «الغزوال» الروسي يشعل الجدل بالبرلمان
المختبر الوطني للطاقة والمعادن، الذي يتخذ من العاصمة الاقتصادية مقرا له، بدأ العمل سنة 1958 بتحليل المواد المعدنية، وشرع منذ 1965 في تحليل المواد البترولية، ويتعلق الأمر بالكازوال، البنزين، الفيول، وغاز البوتان والبروبان.
وأوضح رئيس قسم مختبرات الطاقة والمعادن، في تصريح لـLe360، بأن «العينات التي يستقبلها المختبر الوطني والمختبرات الجهوية تحمل رقما سريا تسلسليا بحيث لا تعرف لأي شركة هي تابعة، وتقدر بحوالي 3200 أو3500 عينة سنويا، 1800منها مستوردة، وتصل نسبة مطابقتها للمعايير إلى 98%، مسجلة ارتفاعا ملحوظا مقارنة مع السنوات الماضية، فمثلا خلال سنتي 2006 و2007 لم تكن نسبة المطابقة تتجاوز 67 في المائة»، مشيرا إلى أنه لم يسبق لهم تسجيل أي حالة غش في المواد المستوردة.
وحسب المسؤول، فخلال الأشهر الاولى فقط من هذه السنة، تم تحليل حوالي 1000 عينة، 16 منها لم تكن مطابقة للمعايير المعمول بها.
وأكد زايدي أنه من أولويات قطاع الانتقال الطاقي تزويد السوق الوطنية بمواد بترولية تحترم المعايير المعمول بها على المستوى الوطني والتي تتعلق أساسا بالحفاظ على البيئة والتحكم في تلوث المركبات.
إقرأ أيضا : شركة أفريقيا تنفي أية علاقة لها بالنفط الروسي وتقرر اللجوء إلى القضاء
ووفق ما وثقته كاميرا Le360 خلال تواجدنا بالمختبر الوطني للطاقة والمعادن بالدار البيضاء، فإن خبراء المختبر يتعاملون مع العينات المحللة بدقة كبيرة، وتخضع لعدة تحاليل، فسقوطها في اختبار واحد فقط يعني عدم مطابقتها للمعايير المعمول بها.
يقول محمد الركيبي، رئيس مصلحة تحليل المواد البترولية بالمختبر، إن هذا الأخير يتوفر على معدات وأجهزة متطورة تتيح لهم القيام بمهمتهم بالشكل المطلوب، وتخضع هذه الأجهزة، يضيف المتحدث، إلى مراقبة دورية من قبل شركات متخصصة للتأكد من دقة نتائجها.
وحسب المعلومات التي حصلنا عليها خلال بحثنا، فالتحاليل المخبرية المطبقة على العينات المأخوذة من محطات توزيع المحروقات ومستودعات التخزين وشاحنات التوزيع خلال عملية المراقبة، تتم على حساب الدولة، وتبلغ تكلفة تحليل عينة واحدة من المواد النفطية حوالي 10 آلاف درهم، ما يكلف خزينة الدولة سنويا قرابة 8 ملايين درهم، في حين أن تحاليل العينات المرسلة من قبل عناصر الجمارك، والتي تخص الشحنات المستوردة، فيتم على حساب الشركات المعنية بموجب قرار وزاري، وتقدر أرباح المختبر من هذه العملية بحوالي 5.4 مليون درهم.
وبهذا الخصوص، كشف رئيس قسم المختبر الوطني للطاقة والمعادن، أنه، وفي إطار البحث عن حلول بديلة يكون لها وقع إيجابي على سير عمليات المراقبة وكذا تقليص التكلفة التي تتكبدها الدولة، يرتقب أن يتم إطلاق مشروع جديد يتعلق بوسم (أو ماركاج) المواد البترولية، وهو الآن قيد الدراسة والتشاور من أجل تنزيله بطريقة صحيحة وفعالة.
وسيمكن هذا المشروع، يؤكد المتحدث، من مضاعفة عدد العينات المراقبة من 3500 عينة إلى حوالي 18 ألف عينة سنويا، وكذا تقليص التكلفة بحيث سيصبحون يلجأون للتحاليل المخبرية المكلفة فقط في الحالات المشكوك فيها، مشددا على أن أبرز ما يهدف إليه المشروع الجديد «تضييق الخناق على كل من سولت له نفسه التلاعب بالجودة».