ونبدأ بصحيفة الأخبار، في عددها ليوم غد الجمعة، حيث كتبت بأن "عيوش دافع من جديد عن فكرته بكون الطفل يجد صعوبة في التواصل مع المعلم الذي يستعمل لغة مختلفة عن تلك التي يستعملها في البيت، وهو ما يؤدي في نظره إلى ارتفاع نسبة الهدر المدرسي في صفوف التلاميذ لكون المدرسة "لا تعترف بشخصية الطفل".
ورصدت الجريدة ذاتها، رأي العروي، الذي اعتبر "أن الدعوة إلى استعمال الدارجة في التعليم الأولي "مبادرة نافلة حيث أنه في الثلاث السنوات الأولى من التعليم يتم التواصل مع الأطفال بالدارجة، وبالتالي فما دعت إليه المناظرة يوجد على أرض الواقع".
أما يومية الخبر، فكتبت أن "كلام عيوش أثار حفيظة العروي، الذي انفجر في وجهه بعدما تحدث رجل الإشهار عن وجود خبراء وراء مذكرة التعليم بالدارجة، وأنها لم تأت بمحض الصدفة، حيث خاطبه أن هؤلاء "لهم ميولات إيديولوجية ويبحثون عن عمل لأنفسهم".
وفي يومية الاتحاد الاشتراكي، نقرأ رأيا محايدا للطاهر بنجلون، جوابا عن سؤال بخصوص النقاش الجاري حاليا حول التدريس باللغة الدارجة وما أثاره في الدوائر السياسية والإعلامية والتربوية، قال فيه "إنه لا يمكننا أن نتخذ مثل هذا القرار، وإلا سنحكم على بلادنا بالعزلة مع باقي الدول العربية، ولو أن هذا العالم العربي يوجد اليوم في خطر، ولكن بإمكاننا أن ندخل جزءا من قاموس الدارجة في اللغة العربية ولن يطرح ذلك مشكلا".
ودعا الكاتب بنجلون، إلى "الانتباه إلى عدم السقوط في فخ الأفكار التي قد تؤدي إلى التفرقة ومن الضروري احترام كل أبعاد الشخصية المغربية دون المساس بانسجامها وتمازجها".
معضلة التعليم
عديدة هي الملاحظات التي سجلت حول مناظرة العروي وعيوش يوم أمس، أولها أنهما في جوهر الأشياء متفقان على عدم مردودية اعتماد العربية في الفصحى في سنوات التعليم الأولي، غير أنه ومن فرط تموقع كل طرف دفاعا عن وجهة نظره، بدا وكأن اللغة العربية هي أصل جميع مشاكل التعليم، مع العلم أن اللغة كانت دوما فقط وسيلة لنقل الأفكار وتبادلها، أما العلة فهي في المناهج الدراسية عينها والمحتوى المدرس.
لقد طرح المتناظران يوم أمس الإشكال اللغوي في المغرب، من منظور نخبوي وفكري، وليس من منظور اجتماعي، علما أن عيوش يستند في كلامه، لما أسماه نجاحا لمدرس مؤسسة زكورة للتربية في فيافي المعرب وجباله.
ورغم أن هناك شبه إجماع، أن عيوش خسر الرهان، وهو يناظر العروي، إلا أنه وجب عدم تضييق النظرة وحصرها حول بعض توصيات مناظرة عيوش التي دعت إلى الدارجة، حيث ثمة هناك أشياء عديدة في تلك التوصيات تمس عمق مشاكل المدرسة المغربية، كالتأخر الكبير في تعليم اللغة الإنجليزية، والصدمة التي يتلقاها التلاميذ المنتقلين للتعليم الجامعي، حيث تفرنس المواد العلمية بعد أن دأبوا على دراستها معربة.



