وشكلت هذه الندوة، المنظمة في موضوع «المهاجرون من جنوب الصحراء.. جهود وطنية ثابتة من أجل ضمان الحقوق وتسهيل الاندماج»، مناسبة لتسليط الضوء على مختلف المبادرات والركائز القانونية والحقوقية والمؤسساتية التي تم تقعيدها بشكل منسجم لخدمة حقوق هؤلاء المهاجرين وحمايتها والنهوض بها.
وأبرزت القاضية الملحقة بالكتابة العامة لوزارة العدل، فدوى بحراوي، في كلمة بالمناسبة، الجهود التي تضطلع بها الوزارة لحماية المهاجرين جنوب الصحراء، موضحة أن الإدارة القضائية عملت، على غرار باقي المؤسسات الحكومية، على مأسسة عملية استقبال المتقاضين والوافدين على المحاكم عبر إحداث مكاتب الواجهة بالمحاكم، من أجل تيسير الولوج للعدالة لكافة الأشخاص مغاربة كانوا أو أجانب، واستقبال طلباتهم وتقديم الخدمات في أحسن الظروف.
وأشارت بحراوي، في هذا الصدد، إلى تمكين جميع المرتفقين، دون أي تمييز، من «المساعدة القانونية» من خلال الاستشارة القانونية التي يمكن توفيرها من طرف مكاتب الواجهة بمحاكم المملكة لعموم المرتفقين، بالإضافة إلى إحداث مركز نداء على مستوى وزارة العدل قصد تلقي تساؤلات وطلبات المرتفقين، وتوجيههم، وتقديم المشورة لهم بعدة لغات.
وأضافت أنه تم تفسير الفصل الأول من المرسوم المتعلق بالمساعدة القضائية لصالح استفادة كافة شرائح المهاجرين من نظام المساعدة القضائية، في إطار المعاهدات التي صادق عليها المغرب، كالاتفاقية الدولية لحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، حيث يستفيدون حاليا منها وفق نفس الشروط والمساطر المعمول بها مع المواطنين المغاربة.
وسعيا لتقديم الخدمة الاجتماعية في مجال العدالة الجنائية وتعزيز الولوج إلى مرفق العدالة خاصة بالنسبة للفئات الهشة، بما فيها فئة العمال المهاجرين، عينت وزارة العدل، منذ سنة 2009، مساعدات ومساعدين اجتماعيين موزعين على كل محاكم المملكة.
من جهتها، أكدت المستشارة برئاسة النيابة العامة والمحامية العامة لدى محكمة النقض، جميلة صدقي، أن رئاسة النيابة العامة تعمل على جعل قضايا الهجرة ضمن القضايا ذات الأولوية، مشيرة إلى إحداث وحدة خاصة بتتبع قضايا الهجرة واللجوء والفئات الخاصة، تعمل على تتبع القضايا الرائجة أمام المحاكم الابتدائية ومحاكم الاستئناف بمختلف الدوائر القضائية أو تلك التي بصدد إجراء الأبحاث بشأنها، إلى جانب الاطلاع على مختلف الخدمات المقدمة للمهاجرين.
وأضافت أنه، تكريسا للانفتاح الذي تنهجه في علاقتها بباقي الفعاليات العاملة في مجال الهجرة، فإن رئاسة النيابة العامة تعمل، بتعاون وثيق مع مجموعة من الشركاء الدوليين ومنظمات الأمم المتحدة، على ترسيخ الجهود التشاركية في مجال تقديم الدعم للمهاجرين وتحقيق حماية أفضل للفئات الهشة منهم، لاسيما النساء والأطفال خاصة المنفصلين عن ذويهم وغير المرافقين.
وفي هذا الجانب، تضيف صدقي، أعدت رئاسة النيابة العامة بشراكة مع منظمة الأمم المتحدة لحماية الطفولة «اليونسيف»، خلال سنة 2023، خارطة طريق للتكفل بالأطفال المهاجرين بهدف التوصل إلى حلول مستدامة للمشاكل التي يعيشها الطفل المهاجر، وضمان استمرارية رعايته في بيئة آمنة وكذا تنمية العلاقات الاجتماعية المستقرة، مما ي مك ن الطفل المهاجر من تطوير آفاق المستقبل أينما كان ووجد، سواء بالمغرب أو ببلده الأصلي أو ببلد ثالث.
وأشارت إلى أن رئاسة النيابة العامة تسعى، أيضا، إلى ضمان تمتع المرأة المهاجرة بمختلف الخدمات المقدمة على مستوى خلايا التكفل بالنساء والأطفال بالعمل على تسهيل الولوج للحماية القضائية، من خلال استقبال الضحايا ومد هم بكل المساعدات ومعالجة قضاياهم والتواصل بشأنها مع باقي المتدخلين على المستويين المحلي والجهوي.
من جانبها، أكدت ممثلة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، سعيدة الوادنوني، أن هذا اللقاء يمثل فرصة لتوسيع فضاء الحوار العمومي حول مختلف الإشكاليات القانونية والعملية التي يثيرها موضوع المهاجرين، كما يشكل مناسبة للوقوف على المنجزات ومناقشة راهنية الإكراهات والتحديات التي تواجه حماية هذه الفئة، لاسيما القادمين من إفريقيا جنوب الصحراء.
وأضافت أن توافق رؤية المجلس الأعلى للسلطة القضائية مع تطلعات حركية الجمعيات المهنية ينصب في مسعى حقوقي وإنساني وقانوني، موضحة أن «تدبير وضعيات المهاجرين من جنوب الصحراء ليس ولا ينبغي أن يكون فقط تدبيرا أمنيا، بل هو مسؤوليتنا جميعا».
وأشارت إلى أنه يتعين على الفاعلين في تدبير السياسات العمومية ذات الصلة بالهجرة العمل على جعل التنقل وحركية المهاجرين إحدى مخرجات التنمية المستدامة، خاصة في إطار مسعى دولي لتنزيل «خطة التنمية المستدامة 2030».
وتمحورت باقي المداخلات، خلال هذا اللقاء الذي حضرته على الخصوص رئيسة جمعية «اتحاد قاضيات المغرب» مينة سكراتي وفعاليات قضائية وحقوقية وجمعوية، حول «حقوق وواجبات المهاجر»، و«صحة المهاجرين»، و«جهود النيابة العامة في حماية حقوق المهاجرين»، و«دور فعاليات المجتمع المدني في تمكين المهاجرات جنوب الصحراء من الحماية الاجتماعية والولوج إلى العدالة».