اعترف وزير الصحة والحماية الاجتماعية خالد آيت الطالب، خلال جلسة صاخبة بمجلس النواب، بوجود ممارسات « غير قانونية » تعتمدها بعض المصحات الخاصة، مثل فرض شيكات الضمان على المرضى مقابل تقديم الخدمات الطبية، مشيرا إلى أن « شيك الضمان » و« النوار » (الدفع غير المصرح به) لا يزالان يشكلان تحديا كبيرا للنظام الصحي المغربي.
وأكد الوزير أن الوزارة تبذل جهودا حثيثة لمحاربة هذه الظواهر، من خلال تكثيف عمليات التفتيش الدورية التي تهدف إلى رصد المخالفات في فواتير العلاج والشروط المالية غير القانونية.
التعريفة المرجعية: الحل الجذري لإنهاء الفوضى
اعتبر الوزير آيت الطالب أن إقرار تعريفة مرجعية جديدة للأعمال الطبية، التي تمتد إلى 8000 إجراء طبي، يعد خطوة محورية لتحديد أسعار ثابتة للخدمات الطبية، مما يقلل من الفوترة الزائدة ويحمي المرضى من الممارسات الاستغلالية. وأوضح أن هذه الخطوة ستتيح تعويضات أفضل للمرضى المؤمن عليهم، مما يخفف من العبء المالي الذي يقع على عاتقهم.
تعزيز الرقابة والتفتيش لمكافحة الجشع
وأكد الوزير أن الوزارة ستكثف من عمليات التفتيش والمراقبة في المصحات الخاصة، مع إطلاق حملات توعوية لتوعية المرتفقين بحقوقهم وسبل التعامل مع المصحات التي قد تلجأ إلى طلب شيكات الضمان أو الفوترة الزائدة.
وأبدى ثقته بأن التعريفة المرجعية الجديدة ستكون سلاحا فعالا لمكافحة الجشع الذي يسود في بعض المصحات.
إجراءات قانونية حازمة ضد المخالفين
أطلقت وزارة الصحة تحقيقات بشأن مخالفات المصحات الخاصة بعد تلقي شكاوى متعلقة بطلب شيكات ضمان وفوترة مبالغ فيها.
وحسب مصادر من الوزارة فقد تمت إحالة 14 ملفا إلى الجهات المختصة، تشمل الهيئة الوطنية للطبيبات والأطباء والوكالة الوطنية للتأمين الصحي، مع احتمال تدخل النيابة العامة في بعض الحالات التي تثير شبهات جنائية.
وتشمل الشكاوى المتعلقة بهذه المخالفات طلب بعض المصحات الخاصة من المرضى أو عائلاتهم تقديم شيكات ضمان قبل تقديم الرعاية الطبية، وهو إجراء غير قانوني في النظام الصحي المغربي، إذ تنص المادة 316 من مدونة التجارة على أن « كل شخص قام بطلب شيك على سبيل الضمان، مع العلم بقبول أو تظهير الشيك، شرط ألا يستخلص قورا أو يحتفظ به، سيعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات أو بغرامة تتراوح ما بين 2000 و10000 درهم. »
توصيات مجلس المنافسة
سبق لمجلس المنافسة أن أوصى بمحاربة ظاهرة شيكات الضمان في المصحات الخاصة، مطالبا بتطبيق العقوبات الزجرية المنصوص عليها في القانون الجنائي.
وقال المجلس في التوصيات التي تضمنها رأي أصدره في الآونة الأخيرة، حول وضعية المنافسة داخل السوق الوطنية للرعاية الطبية المقدمة من طرف المصحات الخاصة والمؤسسات المماثلة لها، إنه يتعيـن تبليـغ « الوكيـل العـام للملـك بالممارسـة المتعلقـة بشـيك الضمـان ومعاقبتهـا بشـدة مـن طـرف العدالـة، حيـث أنهـا محظـورة رسـميا بمقتضى القانون الجنائي والقانون رقـم 13.113″.
ومـن أجـل محاربـة اللجـوء المفـرط للمصحـات الخاصـة لهـذه الممارسـة بالرغـم مـن طابعهـا غيـر الشـرعي، اقتـرح مجلـس المنافسـة إحـداث « صنـدوق ضمـان جماعـي يمكـن تحديـد كيفيـات تمويلـه لاحقـا ».
وأضاف المجلس أن هـذا الصنـدوق سيمكن المصحـات الخاصـة مـن تحمـل « المصاريـف المتبقيـة علـى عاتـق المريـض فـي حالـة عجـزه عـن الأداء »، كما أوصى بتفعيل المقتضيات القانونية المتعلقة بقواعد إشهار تعريفة الخدمات بالمصحات الخاصة، وإقرار عقوبات زجرية في حق المخالفين.
نحو عدالة صحية
تعمل الوزارة بالتنسيق مع كافة الجهات المعنية على مراجعة التعريفة المرجعية لضمان توافقها مع التطورات الطبية دون التأثير على نظام التغطية الصحية.
وتأتي هذه الجهود في وقت حساس يتزايد فيه الضغط الشعبي والحكومي لإصلاح القطاع الصحي الخاص وضمان احترام حقوق المرضى وتوفير الرعاية الصحية بأسعار معقولة، لكن يبقى التنفيذ الفعلي لهذه التدابير ومراقبة مدى التزام المصحات الخاصة بها هو التحدي الأكبر الذي ينتظر الوزارة في المرحلة المقبلة.