في الدراسة الجديدة التي قامت بإنجازها جمعية «التحدي للمساواة والمواطنة» والمُتعلّقة بقانون 103.13 حول محاربة العنف ضد النساء، رصد أفراد الجمعية رفقة طاقم أكاديمي ينتمي إلى الجمعية، مختلف أشكال العنف المُمارس ضدّ النساء، وذلك على شكل قراءة تحليلية للمعطيات الإحصائية التي تم رصدها خلال الفترة الممتدة من شتنبر 2018 إلى شتنبر 2023. وتزامنت هذه الدراسة مع سياق دولي بات يعرف مجموعة من التحوّلات على صعيد محاربة العنف ضدّ النساء، بحيث «وجهت إلى المغرب عدّة توصيات تهدف إلى مواصلة وتسريع جهود ملاءمة التشريعات الوطنية مع المعايير الدولية ذات الصل».
وحسب توطئة الدراسة التي حصل le360 على نسخة منها فقد «دعت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة إلى الإسراع بإجراء استعراض تشريعي شامل بهدف تعديل أو إلغاء جميع القوانين التي تميّز ضد المرأة بشكل مباشر أو غير مباشر، وتعزيز خدمات الدعم للنساء ضحايا العنف الجنساني دون خوف من أي شكل من أشكال الملاحقة القضائية والوصم، وقد وجّهت توصيات مماثلة خلال الجولة الرابعة للاستعراض الدوري الشامل سنتي 2022ـ2023».
أما السياق الوطني الذي ساهم في الاشتغال على الدراسة، فيعود بدرجةٍ أولى إلى «تزايد الاهتمام بظاهرة العنف ضد النساء بمختلف أشكالها، بعد مرور 5 سنوات على صدور قانون 103.13 المتعلّق بمحاربة العنف ضد النساء، وبتزامن مع فتح ورش تعديل القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية من جهة، والاعلان عن فتح ورش مراجعة مدونة الأسرة بعد مرور زهاء 20 سنة على إصدارها من جهة أخرى».
وحسب الأرقام التي كانت قد قدّمتها المندوبية السامية للتخطيط الصادرة في أكتوبر 2023، فإن «العنف المبني على النوع الاجتماعي يمس المرأة في جميع المجالات، ذلك أنّ 52.1 في المائة يعانين من العنف المنزلي، و15.4 يواجهن العنف في فضاء العمل، و18.9 يتعرضن للعنف في فضاء الدراسة والتكوين، و12.6 يواجهن العنف في الفضاء العمومي، مما يُؤكّد أنّ ظاهرة العنف ضد النساء عابرة لكافة الفضاءات».
بينما أكّدت تقارير رئاسة النيابة العامّة الصدرة بين سنتي 2017 و2021 « تزايد حالات العنف ضد النساء التي يتم التبليغ عنها أمام المحاكم، بحيث ارتفعت بنسبة 28 في المائة خلال السنتين الأخيرتين، وأنّ النساء أقلّ من 50 سنة، وكذلك النساء بدون مهنة، والنساء غير المتعلمات، هنّ الفئة الأكثر تعرضاً للعنف، وأن المحاكم طبقت 7923 تدابيراً من تدابير الحماية سنة 2022، مقابل 3114 سنة 2021 بنسبة تطوّر تعادل 14.5 في المائة ».
اعتمدت جمعية التحدي للمساواة والمواطنة في تجميع المعطيات الخاصّة على آليتين، الأولى متنقلة والثانية قارة. أما مصادر المعلومة بالنسبة للدراسة فقد استندت على المستفيدين،الجمعية، الأصدقاء، الإنترنيت، الجار، خلايا التكافل بالنساء، الإعلام، مؤسسات تعليمية، مؤسسة حكومية، العائلة، لقاءات تحسيسية، مؤسسة القرب. أما بخصوص الناجيات من العنف بحسب السنة فنوردها على الشكل التالي:
أقل من 18 سنة: 41
من 18 إلى 28: 623
من 29 إلى 38: 968
من 39 إلى 48: 680
من 49 إلى 59: 261
60 سنة فما فوق: 86
وحسب تحليل الجمعية لجميع هذه الفئات لناجيات من العنف، فقد لخصتها الجمعية حسب مجموعة من العوامل مثل: « التغيرات الجسدية والنفسية التي تحدث في هذه المرحلة من العمر، والتي تجعل النساء أكثر عرضة للاستغلال والاعتداء، استقلالية النساء في هذه المرحلة من العمر، والتي قد تؤدي إلى صراعات مع الأسرة أو الزوج، مما قد يسبب العنف، ازدياد الوعي بحقوق المرأة في هذه المرحلة من العمر، استقرار الوضع الأسري والمهني مما يمنح النساء مزيداً من القوة للتصدّي للعنف.. ».
أما بخصوص الجهات التي عرفت أكثر عدد بالنسبة للناجيات حسب الإقامة، فتحتل جهة الدارالبيضاء السطات أكبر جهة بحيث وصل العدد إلى 2570 ناجية، تليها جهة مراكش آسفي بـ 27، ثم جهة الرباط سلا القنيطرة بـ 19، ثم جهة فاس مكناس بـ 13 وجهة بني ملال خنيفرة بـ 8 و جهة سوس ماسة بـ 4 وجهة طنجة تطوان الحسيمة بـ 4 وجهة الشرق بـ2 وجهة العيون الساقية الحمراء بـ 2، وصولاً إلى جهة درعة تافيلالت بـ 1″.
وبناء على هذه الإحصاءات والمعطيات الدقيقة التي قامت بها الجمعية، فقد قدّمت مجموعة من التوصيات على الشكل التالي:
ـ تعزيز التوعية بحقوق المرأة ومخاطر العنف ضدّها، وذلك من خلال مجموعة من البرامج التوعوية مثل الحملات الإعلامية والندوات والمحاضرات.
ـ توفير الخدمات اللازمة للنساء اللاتي يتعرضن للعنف مثل الخدمات القانونية والنفسية والاجتماعية.
ـ التدخل المبكّر للوقاية من العنف ضد النساء مثل برامج التوعية في المدارس والمجتمعات المحلية.