وقع حوالي 100 خبير وباحث وممارس، معظمهم من القانونيين والأطباء وعلماء النفس، الذين عملوا لفترة طويلة في موضوع كراء الأرحام، يوم الجمعة 3 مارس 2023 على «إعلان الدار البيضاء»، وهو نص يدعو إلى الإلغاء الشامل لهذه الممارسة.
ويهدف هذا النص، بحسب الموقعين عليه، إلى تحقيق هدف أساسي: وضع حد لممارسة الأمهات البديلات، أينما كان ذلك مسموحا به. ويؤكد هؤلاء الخبراء أن كراء الأرحام يتعارض في جوهره مع كرامة الإنسان وأنه لا يوجد إطار على الإطلاق يمكن أن يجعله مقبولا.
ما هو إعلان الدار البيضاء؟
وفقا لهذا الإعلان، فإن استخدام الأم البديلة، كوسيلة من وسائل الإنجاب، هو أمر غير أخلاقي، ومن ثم هناك ضرورة ملحة لإدانة كراء الأرحام بجميع أشكاله، سواء كان بأجر أو بدون مقابل، واعتماد تدابير لمكافحة هذه الممارسة. هذا من خلال منع كراء الأرحام وإبطال أي طبيعة قانونية للعقود التي تنطوي على التزام المرأة بحمل وإنجاب طفل، ومعاقبة الوسطاء، والأشخاص الذين يلجأون إلى هذه الممارسة في إقليمهم، ورعاياهم الذين يلجأون إلى كراء الأرحام خارج إقليمهم، ومن خلال العمل من أجل اعتماد أداة قانونية دولية تنص على الإلغاء الشامل لكراء الأرحام.
رأي الموقعين عليه
ردا على سؤال لـLe360، أوضحت ضياء صفنضلة، أستاذة القانون الخاص والعلوم الجنائية بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، أن مسألة كراء الأرحام، المحظورة في المغرب، لم تنشأ عن طريق الصدفة. «إنها ثمرة مسار طويل جدا، خاصة في فرنسا، بدأ في النصف الثاني من القرن العشرين وتهدف إلى تفكيك الأسرة كعائلة شرعية قائمة على الزواج».
وأشارت الأستاذة، التي ركزت في مداخلتها على بنوة الطفل المولود من كراء الأرحام، إلى أنه «من خلال فكرة البنوة هاته، وبالتحديد من خلال نسب الطفل الطبيعي إلى عائلة والده، يتم تفكيك آخر الأسوار التي تحمي الأسرة المؤسسة على الزواج».
من جانبه، أكد الفرنسي-الشيلي برنارد غارسيا لاران، وهو دكتور في القانون، أن أي عقد من أجل كراء الأرحام يمس بكرامة الإنسان ويساهم في تسليع النساء والأطفال. وهكذا يستشهد بمثال فرنسا، التي هي «حالة خاصة، حيث لا يتم الترخيص بهذه الممارسة»، ولكن هناك العديد من الوكلاء الأجانب والعيادات التي تقوم بها.
وذكّر هذا الدكتور في القانون بتنظيم صالون «الرغبة في إنجاب طفل». وهو حدث سنوي يجمع الفاعلين في المساعدة على الإنجاب والتي تقدم خدمات كراء الأرحام بشكل خاص. «من الصعب وقف هذه الممارسة. هذا هو السبب في أن الرد يجب أن يكون دوليا».
من جانبها، أشارت أنجيلا غاندرا مارتينز، المحامية والأمينة الوطنية السابقة للأسرة في البرازيل، إلى أن الأمهات البديلات لا يتمتعن إلا بقدر ضئيل من الحماية القانونية. وأكدت أنهن يفقدن حريتهن واستقلاليتهن بمجرد توقيعهن على هذه العقود. سوق للحياة الإنسانية بملايين الدولارات.
«في بعض الأحيان تفرض على هؤلاء النساء مراقبة أو لا يتم إعلامهن بما فيه الكفاية. تواجه بعضهن ضغوط العيش مع قيود على الحركة والنشا. يتعلق الأمر بصدمة محتملة للأطفال حديثي الولادة عند فصلهم عن أمهاتهن البديلات، مما يضر برفاهية الطفل. إن كراء الأرحام ينتهك الكرامة الإنسانية».
المغرب كنموذج
وبحسب المنظمين، فإن التشريع المغربي يحظر استخدام كراء الأرحام ويعاقب عليه، لا سيما من خلال المادتين 5 و40 من القانون رقم 47-14 المتعلق بالمساعدة الطبية على الإنجاب. وبالتالي فإن المغرب هو مثال مرجعي في هذا المجال.
وفي هذا الصدد، ذكر رشيد عشعاشي، الباحث في العلوم الاجتماعية، أن المغرب ليس معنيا بشكل مباشر بمسألة كراء الأرحام. في الوقت الحالي على الأقل. «لكن الأشخاص الذين يدافعون عن قيم أخرى أو حريات أخرى، مثل الإجهاض أو ممارسة الجنس خارج مؤسسة الزواج، يدمجون مسألة كراء الأرحام في الحزمة الأيديولوجية الخاصة بهم أيضا. في المغرب، يتم النضال من أجل إزالة القدسية عن جسم الإنسان وجسد المرأة، ولا سيما في حالة استخدام الأمهات البديلات»، بحسب ما أكده هذا الباحث.
وأوضح قائلا: «يجب أن أشير إلى أن هذا الحدث لا يمكن تنظيمه في فرنسا على سبيل المثال. فهي دولة تتميز بأيديولوجية تهمين وتحظر حرية التعبير عندما تبدأ في الإزعاج. يستضيف المغرب هذا الحدث بحرية، حيث يمكن للخبراء تبادل حججهم ووجهات نظرهم، دائما باسم كرامة المرأة وجسدها والكرامة الإنسانية».
لهذا السبب، اعتمد الخبراء والفاعلون المتواجدون في الدار البيضاء «إعلان الدار البيضاء»، الذي دعا الحكومات والدول إلى الالتزام بالحظر الصريح لممارسة تنتهك حقوق الإنسان.