في الحلقة الأولى من "حدث في رمضان"، نعود بالذاكرة إلى الصفحات الأولى من كتاب المغرب الإسلامي، بالضبط في الرابع من رمضان سنة 172 هجرية الموافق لـ6 فبراير من سنة 789 ميلادية، وبعد أن استقر ادريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب بالمغرب هربا من بطش العباسيين في موقعة فخ الشهيرة، رحبت به قبائل الأمازيغ، فمكث بينهم زهاء الستة أشهر، واكب فيها إدريس بن عبد الله على نشر تعاليم الإسلام، فتعلق قادة الأمازيغ في وليلي بالرجل، حتى إنهم خلعوا طاعة العباسيون، وبايعوا إدريسا بالإمامة.
وشاءت الصدف أن تأتي هذه البيعة في شهر رمضان، فحشد إسحاق أمير قبائل أوربة جمهور القبائل الأمازيغية، ليقدم لهم سليل رسول الله قائلا قولته الشهيرة "هو السيد ونحن العبيد، نموت بين يديه"، فتمت البيعة بمدينة وليلي، فأخذت باقي القبائل الامازيغية الحذو نفسه، كقبيلتي مغيلة وصدينة، فوفدت باقي القبائل، كزناتة وزواغة وسدراتة وغمارة، لتتعرف على هذا الإمام القادم من الشرق.
في غضون مدة قصيرة، حشد الإمام إدريس بن عبد الله جيشا لا بأس به من الأمازيغ، فسار في طريق الغزو والفتح ضد ناشري البدع، فتحققت له انتصارات كبيرة وانقاد الأغلبية للإمام، الذي آثر الدعوة والفتح بالتي هي أحسن، مؤجلا حد السيف إلا ضد من عصا وانتفض.
وبدخول الإمام إدريس بن عبد الله إلى أرض المغرب وباستقباله واستقراره ثم بيعته، سجل التاريخ المغربي منعطفا جديدا وقامت أول دولة إسلامية بأرض المغرب الأقصى، مستقلة عن خلافة بغداد ودمشق، ليبدأ تاريخ جديد طبع تارة بالمجد التليد وتارات أخرى بالتدهور والتفرقة.
للتعمق أكثر: "الاستقصا للأخبار دول المغرب الأقصى" من تأليف أبو العباس احمد بن خالد الناصري
"عقد فريد في تاريخ الشرفاء التليد" تأليف أمل بن إدريس بن الحسن العلمي