نشأ يونس التسولي في حي أكدال الراقي بمدينة الرباط، تلقي تعليمه في الثانوية الفرنسية ديكارت، قبل أن يشد الرحال رفقة والده الديبلوماسي المغربي سنة 2001 إلى الديار البريطانية، من أجل إتمام دراسته في مجال الاعلاميات.
بدأ يونس تسولي يتشبع بالفكر الجهادي، وتبنى الأفكار المتطرفة لتنظيم القاعدة. وظلت المخابرات والأجهزة الأمنية العالمية تبحث عن الشخصية الحقيقية لقرصان المعلوميات الملقب بالإرهابي 007 لمدة سنتين، والذي أصبح له دور أساسي في تنظيم القاعدة من خلال نشر أنشطة التنظيم بجميع وسائط المعلوميات المتاحة، حيث قرصن حواسيب الجامعات الأمريكية، ونشر وثائق متعلقة بالأسلحة وكيفية صناعة المتفجرات، وأشرطة فيديو لزعيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وصوراً للاختطاف وقتل الرهائن الغربيين مثل البريطاني كين بيغلي، والأمريكيين دانيال بيرل ونيك بيرغ.
الصدفة وحدها كانت وراء إيقاف تسولي
في خريف 2005 اختفت أنشطة "الإرهابي 007" من شبكة الإنترنيت بعدما تم توقيفه من طرف شرطة الاسكتلنديارد وعمره لا يتجاوز 22 سنة، بتهمة التآمر في تفجيرات لندن 7 يوليو 2005، ليؤكد المحققون بعد ذلك أنهم بالفعل وضعو اليد على "إرهابي 007" الذي أربك الأجهزة الأمنية العالمية لمدة سنتين.
توقيفه جاء نتيجة الصدفة، فأثناء البحث والتحري حول الإرهابيين الأوروبيين المفترضين لقيامهم بأعمال إرهابية، قامت شرطة لندن بمداهمة وتفتيش شقة يونس تسولي في منطقة شبردز بوش غرب لندن، لتعثر بها على بطاقات ائتمانية مقرصنة، تبين فيما بعد بأنها استعملت في شراء الخادمات الرقمية وخدمات متعلقة بالإنترنت من مزودين أمريكيين، الذين أكدوا فيما بعد تطابق معلومات بطاقات الدفع المحجوزة بمعلومات الأداء المسجلة لديهم.
نجاح إرهابي 007 كان وراءه كفاءته في المجال المعلوماتي واختياره للوقت المناسب. في بداية 2004 التحق بـ"منتدى الأنصار الإسلامي"، وبعدها بقليل بـ"منتدى الإخلاص" المنتديين المحميين بكلمة سر وينخرط فيهما الآلاف من الأعضاء، واللذين تستعملهما القاعدة لتمرير تعليماتها العسكرية، واستقطاب أعضاء جدد، كما تستعملهما للدعاية لأيديولوجيتها الجهادية.
بعد أن وصل أبو مصعب الزرقاوي لإمارة تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" كان من بين أولوياته إيجاد بعض المتطوعين المتشبعين بفكر القاعدة أكفاء في المجال المعلوماتي لنشر دعاية التنظيم على الشبكة العنكبوتية، التي كانت قد بدأت تعرف تزايدا مضطردا في عدد متتبعيها، فوقع اختيار القاعدة على "إرهابي 007" من بين العديد من المتطوعين المعلوماتيين المتمركزين في أروبا.
في أبريل 2004 نشر الزرقاوي بيانا على منتدى الأنصار، بواسطة المتحدث الرسمي باسمه المسمى أبو ميسرة العراقي، يخبر به أتباعه عن خبر سار مفاده أن مجموعة من الرجال الشجعان قاموا بضرب المصالح الاقتصادية للدول الكافرة والملحدة، على حد تعبيره. وكان إرهابي 007 أول المعلقين على الخبر بعبارات الدعم والمباركة، أبو ميسرة العراقي بدوره قام بالرد على التعليق مبادلا إياه عبارات التهنئة مثنيا على الدور الهام الذي لعبه في نجاح العملية.
في ظرف سنة ونصف، قدم إرهابي 007 نفسه على أنه الخبير الجهادي في كل ما يتعلق بتكنولوجيا المعلوميات والشبكة العنكبوتية. حيث أصبح عضوا نشيطا في العديد من المنتديات باللغتين العربية والانجليزية.
لوحظ وجوده على مدار الساعة يجيب على أسئلة الأعضاء، ينشر المحتويات المتعددة الوسائط على شبكة الإنترنت ويخترق المواقع المحمية لبعض المؤسسات الغربية. في الوقت نفسه نشر إرهابي 007 رسالة مكونة من عشرين صفحة على منتدى الإخلاص، تحت عنوان "دروس حول قرصنة المواقع"، يشرح فيها بالتفصيل طريقة قرصنة المواقع، كما دوّن لائحة بعشرات المواقع الضعيفة والثغرات التي يمكن الدخول إليها منها. حمل إرهابي 007 العديد من البيانات من مواقع الجامعات الأمريكية، الشيء الذي جعل المحققين يعتقدون بأنه يستقر بالولايات المتحدة الامريكية.
في الرابع من يوليوز من سنة 2007، بعد شهرين من بداية محاكمته، اعترف يونس تسولي رفقة اثنين من رفاقه وهما وسيم المكحل وطارق الدوار بارتكابهم لأعمال تحريض على الإرهاب داخل التراب البريطاني، وتمت مؤاخذته بما نسب إليه من أفعال بالسجن لمدة عشر سنوات. وفي 18 دجنبر من سنة 2007 رفعت المحكمة الجنائية الحكم إلى 16 سنة، حينها كان يونس تسولي يبلغ من العمر 23 سنة.
عودة سرية إلى المغرب
في نوفمبر من عام 2014، ستطلق السلطات البريطانية سراح يونس تسولي، بعد دقائق ستعود الشرطة إلى توقيفه واحتجازه بعد عثور مسؤولي السجن على نسخة من مجلة تنظيم القاعدة في زنزانته، ووجهت له محكمة “اولد بيلي” البريطانية تهمة حيازة مواد غير مشروعة.
في شهر ماي الجاري، ستعمد السلطات البريطانية إلى ترحيله إلى المغرب عبر رحلة سياحية عادية دون أن تشعر السلطات المغربية بذلك. مباشرة بعد عودته إلى بيت والديه الكائن بحي أكدال بالرباط، نشبت خصومة بين يونس وأفراد عائلته، خاصة أخاه الأكبر، وهذا ما جعله يضرم النار في بعض الأجزاء من البيت ويتحصن بشرفة أحد المساكن المجاورة مهددا بالانتحار، حاملا سكينين، ومرددا شعارات تندد بالظلم، احتجاجا على واقعة اغتصابه المفترضة في السجون البريطانية حسب ادعائه، أثناء قضائه لعقوبة سجنية من أجل مؤاخذته بتهم تتعلق بالإرهاب. استمر الأمر قرابة 16 ساعة، قبل أن تعتقله مصالح الشرطة.
يونس تسولي، أو إرهابي 007، الرجل الذي حير أجهزة الأمن قبل القبض عليه، ويحير الآن حكومتين في كيفية التعامل مع مستقبله. حالة من بين الحالات العديدة من المعتقلين الذين قضوا سنينا وراء القضبان وخرجوا بأفكار أكثر تطرفا.
