وسلطت يومية « الصباح » في عددها الصادر يوم الجمعة 9 يونيو 2023 الضوء على هذا الموضوع، مبرزة أن حسن الإبراهيمي، رئيس وحدة تتبع النيابة العامة لقضايا الأسرة برئاسة النيابة العامة، أكد في مداخلته أمس الأربعاء، بالمعرض الدولي للكتاب والنشر بالرباط، على أن الفريق المكلِّف بالدراسة، اصطدم بوجود فئة من النخبة، سيما رجال التعليم، يٓقبلون الزواج من قاصرات، أما رجال الدين فمازالت مفاهیم بعضهم خاطئة في الزواج من هذه الشريحة.
وأشارت الصحيفة في مقالها أن قضاةً استجوبوا أثناء الدراسة، 2300 قاصر متزوجة، حيث أثبتت نتائجها، أن سبب الزواج المبكِّر هو الهدر المدرسي، وغياب الطرق، ما دفع رئيس النيابة العامة إلى طرق أبواب وزراء التربية الوطنية والرياضة، والأوقاف والـشؤون الإسلامية، والداخلية، والصحة والحماية الاجتماعية، والتجهيز والماء، للتنسيق مع المؤسسات التي يديرونها، من أجل حثهم على الرقي بمستوى المناطق الهشة، من حيث المعيشة والتمكين وإصلاح طرق العالم القروي.
وبين مقال الصباح أن الهدف الإستراتيجي الأول للتنسيق مع القطاعات الحكومية، هو وضع خطط وبرامج لمواجهة « القبول الثقافي »، وإذكاء الوعي الجماعي بالأضرار المترتبة عن زواج القاصر، وآثاره الوخيمة على الصحة الجسدية والنفسية، وتكلفته الاجتماعية، مضيفا أن التنسيق مع وزارة الشؤون الإسلامية، أسفر عن مجموعة من الالتزامات، أهمها إشراك المرشدين والمرشدات الدينيين وأئمة المساجد، في الـتحسيس والتوعية بسلبيات زواج القاصر، وأجرأة وتنفيذ هذه الالتزامات، بتكوين الأئمة بمعهد محمد السادس، بإدراج محور « الحد من زواج القاصر »، ضمن مادة حقوق الإنسان التي تدرس لطلبة المعهد، وتدريب الأئمة والمرشدسن والمرشدات على إعداد دروس توعية للحد من الظاهرة.
وأسفر تدخل رئاسة النيابة العامة عن مجموعة من الالتزامات الأخرى، ضمنها تعزيز دور رجال ونساء التعليم في إذكاء الوعي لدى الطفلات والفتيات بأهمية التمدرس، لبناء الشخصية والاستقلال، وإدراج موضوع زواج القاصر في المقررات والمناهج الدراسية، لتوعية وتحسيس الناشئة، بمخاطر هذا الزواج، بهدف بناء فكر تربوي ممانع لزواج القاصر، يساعد على تغيير العقلية الدونية في حق المرأة والفتاة.
واستهدفت الدراسة بالأساس إقليم أزيلال، الذي يشمل 44 جماعة، ضمنها جماعتان حضريتان، وجرى الاستماع إلى 2300 طفلة كانت موضوع زواج القاصرات، حيث تم الاعتماد على مجموعة من المؤشرات، ضمنها حالة القاصر قبل الزواج، وكيفية تدبير الزواج، لتصدر رئاسة النيابة العامة أربع دوريات لمواجهة هذه الظاهرة، كما أشرفت على دورات تكوينية لقضاة النيابة العامة بالأساس، وهمت ضرورة التفاعل الإيجابي مع جميع قضايا الأسرة، وإيلاءها العناية اللازمة، بما يكفل استقرارها وتماسكها واطمئنان أفرادها، وتحقيق العدل والإنصاف لهم، واستحضار المصالح العليا للأطفال وحقوقهم في المقام الأول، وعدم الاكتفاء في طلبات وملتمسات النيابة العامة، بإسناد النظر أو التماس تطبيق القانون، بل « إبداء وجهة نظرها القانونية والدفاع عنها ».
وهمت الدورية الثانية، الحرص على تقديم ملتمسات للقضاة، تنسجم مع قصد المشرِّع، من جعل الزواج قبل سن الرشد متوقفا على موافقة القضاء، وعدم التردد في معارضة طلبات الزواج، التي لا تراعي المصلحة الفضلى للقاصر، إضافة إلى تقديم ملتمسات من أجل جعل جلسات البحث، مناسبةً لتوعية القاصر بالأضرار، التي يمكن أن تترتب عن الـزواج المبكر، والاستعانة في ذلك إن اقتضى الحال بالمساعِدات الاجتماعيات، مع الحرص على الحضور في جميع الجلسات المتعلقة بإذن زواج القاصر، وعدم التردد تقديم الملتمسات بإجراء بحث اجتماعي بواسطة المساعِدة الاجتماعية، للتأكد من الأسباب الداعية لطلب الإذن، ومن وجود مصلحة للقاصر في هذا الإذن، ومدى التوفر على النضج والأهلية الجسمانية لتحمل تبعات الزواج، من أجل تكوين قناعة عنصر الرضى بالعقد.
ونبهت دوريات رئيس النيابة العامة، إلى الحرص على تقديم ملتمسات بإنجاز الخبرات الطبية الاجتماعية والنفسية الضروريـة، للتأكد من قدرة القاصر على تحمل أعباء الزوجية، مع الحرص على التأكد بالنسبة للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج الراغبين في الحصول على هذا الإذن، بأن الدولة المستقبِلة تقبل عقود الزواج دون سن الأهلية.
ومن الإجراءات الجديدة تقديم ملتمسات بعدم الاختصاص، بالنسبة إلى طلبات الزواج المتعلقة بقاصرين، لا يقيمون بدوائر نفوذ قاضي الأسرة المكلف بالزواج الذي يُقدم إليه الطلب، باعتبار ذلك شرطا أساسيا لإجراء الأبحاث.