وحسب اليومية ذاتها فإن "اعضاء المجلس لم يفهموا السر وراء هذا الانقلاب، بالنظر إلى أن لجنة البرامج التي كانت مكلفة بتحديد لغة التدريس في جميع المسالك تبنت توصية تدعو إلى اعتماد اللغة الإنجليزية كلغة أولى بدل الفرنسية، قبل أن يفاجأ الجميع بأن المكلفين بتحرير التقرير النهائي غيروا التوصية في آخر لحظة.
وحسب اليومية ذاتها فإن التغيير الذي فاجأ الجميع، جاء مباشرة بعد عودة الدفء إلى العلاقات المغربية الفرنسية، مبرزة في السياق ذاته أن أعضاء المجلس هم الذين يحددون في الأخير التوجهات العامة للتقرير الاستراتيجي الذي سيرفعن المستشار الملكي، عمر عزيمان إلى الملك في مدة لا تتجاوز 3 أسابيع، لكن الذي وقع، حسب الجريدة، أن أعضاء من داخل إدارة المجلس هم الذين غيروا في الأخير توصية اعتماد اللغة الإنجليزية لغة أولى في التدريس.
ونقرأ في المقال ذاته أن "اللوبي الفرنكفوني الذي فشل في حسم معركة لغة التدريس داخل اللجان، انتقل إلى "وسائل أخرى جعلته في الأخير ينتصر على رأي غالبية أعضاء المجلس"، مؤكدة في السياق ذاتهأن حالة من الاستياء تسود أعضاء مجلس عزيمان، الشيء الذي ينذر بمواجهة ساخنة في آخر اجتماع للجمعية العامة الذي من المزمع أن ينعقد في بداية شهر أبريل المقبل، خاصة أن بعض المدافعين عن اعتماد تدريس اللغة الإنجليزية في التعليم بدؤوا يشكون أن هناك تقريرا جاهزا فيما تعلق بلغة التدريس".
حرب الألسن
لاشك أن ما يجعل فرنسا اليوم، أكثر إصرارا على جعل الفرانكفونية قوة فكرية ولغوية وثقافية بل وسياسية واقتصادية على خارطة واسعة من العالم بأي ثمن، هو الموقع المتدني الذي أصبحت تحتله اللغة الفرنسية في عالم اليوم، فهي التاسعة في العالم من حيث عدد المتكلمين بها، والذين لا يشكلون سوى 2.5% من سكان المعمور، فيما تتقدم عليها اللغة العربية التي تحتل المرتبة السادسة بعد الصينية والإنجليزية والهندية والإسبانية والروسية ويبلغ عدد متكلميها ما يوازي 3.9% من تعداد البشرية.
يعني ذلك أن اللغة الفرنسية، التي كانت تبسط نفوذها على المستعمرات، أصبحت تعاني من صراعات قاتلة مع اللغات الحية الأخرى، خاصة منها الإنجليزية التي تحولت إلى لغة علمية/اجتماعية في العديد من البلاد الأروبية والإفريقية والأسيوية، تحتل الصدارة على مستوى التواصل والمعرفة بين أغلب الدول عبر المعمور، وهو ما دفع فرنسا إلى تكثيف جهودها، لتجعل من الفرانكفونية إديولوجية تتجاوز مسألة اللغة، إديولوجية تمثل اكتساحا للغير، وأحيانا تمثل تعديا على حقوق التواجد والتعايش بين القوميات، من أجل انقاذ اللغة الفرنسية من الموت المحقق.