"سانتو جودو".. قصة ضريح مغربي في قلب غابات الأمازون!

صورة للضريح

صورة للضريح . DR

في 16/03/2015 على الساعة 08:30

في عمق غابات الأمازون الكثيفة، وبالضبط بالقرب من ماناوس بالبرازيل، يمكن أن تتخيل كل شيء إلا أمرا واحدا، هنا في هذه البقاع المجهولة، يرقد "سيد مغربي" يهودي من بني جلدتنا، شاءت الأقدار أن يدفن بالأمازون قبل أزيد من قرن، بعد حياة مديدة بالمغرب، لينقل معه عادات المغاربة إلى عمق المجهول.

إسمه الكامل الحبر شالوم إيمانويل مويال، وعرف بعد موته من طرف الساكنة المحلية "سانتو جودو" أو "رابينو" أي "الولي اليهودي"، توفي بعد إصابته بالحمى الصفراء الأمازونية سنة 1910، وقبل مماته عرف بدعوته إلى التسامح والحوار بين مختلف الديانات، حتى إن السكان الأصليين للأمازون، الذين انتقل أغلبهم إلى الديانة المسيحية، لم يترددوا في "تقديس" هذا القادم من الطرف الآخر من المحيط الأطلسي.

وحسب ما يحكي كتاب "سنتان بين الهنود" للأنتربولوجي الألماني تيودور كوش كرونبرغ، فإن الولي المغربي اليهودي استطاع لم شمل قبائل ماناوس، التي ما فتئت تخصص طقوسا خاصة للضريح بعد دفنه، راجين منه "التوسط" لتحقيق مناهم، فيما الأكثر "عقلانية" فيهم يكتفي بوضع أكاليل الزهور تعبيرا عن شكره.

ويحكي الكتاب، أن الأقلية اليهودية والأغلبية المسيحية على السواء، تتحد في "تقديس" هذا الولي، والسبب؟ هو أنه عندما كان إيمانويل مويال في بعثة إنسانية من الحاخام الأكبر لليهود بالمغرب سنة 1908 لم يذخر جهدا في سبيل مساعدة الساكنة المحلية، ومعالجتهم من الأمراض الفتاكة، حتى إنهم اعتقدوا بقدرته على صنع المعجزات، إلى أن أصيب بالحمى الصفراء، التي كانت تحصد أرواح المئات في ذلك الإبان، الجميع انفض من حوله، مخافة العدوى، إلا شخص واحد من ساكني المنطقة، الذي أخذ يداويه، وهنا ستنشأ علاقة إنسانية خاصة، إذ كان إيمانويل مويال طيلة أيامه الأخيرة يؤكد لبينشيمول الذي أخذ بيده، أنه لا يعاتب السكان لأنهم أداروا ظهرهم له بعد مرضه، رغم أنه كان سباقا لتقديم العون لهم، وأصيب بالحمى القاتلة بسبب اختلاطه بهم، ليموت بعدها إيمانويل مويال في العاشر من مارس 1910، تاركا وراءه بينشيمول الذي أخذ على عاتقه أن ينصف روح صديقه، سيما أن الأقلية اليهودية في منطقة ماناوس بالبرازيل لم تأبه لحال بني جلدتهم.

اليوم، يرقد الحبر شالوم إيمانويل مويال في مدفنه بالأمازون، وتتم زيارته نكريما له من اليهود والنصارى على حد سواء، والغريب حسب كتاب تيودور كوش كرونبرغ، هو تحول قبر الولي اليهودي إلى ملتقى للديانات السماوية، وللتقاليد المغربيةن حيث يتم توزيع الفواكه الجافة والأحجار الكريمة، تماما كما يحدث في أضرحة المغاربة المسلمين، فيما تتبرك الأقلية اليهودية بقبره، بينما يكتفي المسيحيون بتقديم آيات الشكر والعرفان بوفاته في مهمة إنسانية.

ويحاول البعض في الآونة الأخيرة، نقل رفاته إلى إسرائيل، أو على الأقل إلى المقبرة اليهودية، التي أنشأت خصيصا للبعثة القادمة من المغرب بداية القرن الماضي، لكن أبناء قرية ماناوس يرفضون ذلك، لأن الضريح بات يستقطب مئات الزوار من خارج الأمازون.

في 16/03/2015 على الساعة 08:30