أوردت جريدة "الصباح"، في مقال في أعلى صفحتها الأولى، أن موجة البرد القارس، التي اجتاحت بني ملال ونواحيها، أودت بأرواح أكثر من 15 متشردا، مند مطلع السنة الجارية، مضيفة أن جثامين الضحايا نقلت إلى المركز الاستشفائي للمدينة، بأمر من وكيل الملك لإجراء تشريح وتحديد أسباب الوفاة.
ونقلت اليومية عن مصادر حقوقية لومها للسلطات المحلية والإقليمية لعدم توفيرها مراكز لإيواء المتشردين والمختلين عقليا، الذين يبيتون في العراء وفي أوضاع غير إنسانية، وفق تعبير مصادر "الصباح".
وقالت الجريدة نفسها، على لسان مصدر من العصبة المغربية لحقوق الإنسان، إن مسؤولي المدينة تملصوا من مسؤولياتهم بعد طرد متشردَيْن بدون مأوى من المستشفى الجهوي ببني ملال، كان ينزلان به بتدخل من جمعية حقوقية لفائدتهما.
وأضاف المصدر ذاته أن المسؤولين عن إدارة المستشفى الجهوي رموا بالمشردين خارج المستشفى بدعوى أنهما غير نزيلين ولا يعانيان من أي مرض تثبته تقارير طبية، وبالتالي مكانهما الخيرية وليس المستشفى.
ولم تمض إلا ليلة واحدة ، يضيف فاعل جمعوي، حتى لفَظ أحدهما أنفاسهما، وعُثر عليه جثة هامدة، في حين ما زال صديقه عرضة للبرد القارس في شوارع المدينة، بحسب رواية جريدة "الصباح".
وفي تتمة المقال على الصفحة الثانية، ذكرت اليومية ذاتها أن فعاليات حقوقية تحمل مديري شأن المدينة، التي تعج شوارعها حسبها بالمشردين، مسؤولية غياب مقاربة شمولية تستحضر معاناة فئة البدون مأوى، مشيرة إلى اعتزام مكتب العصبة المغربية لحقوق الإنسان تنظيم وقفة احتجاجية للتنديد بما وصف بـ"تراخي" المسؤولين وتقاعسهم عن إيجاد حلول لرفع معاناة المشردين.
بدورها، اهتمت جريدة "أخبار اليوم المغربية" بمعاناة سكان المناطق الجبلية المحاصرون بالثلوج، وقالت إنهم يطلقون صرخة استغاثة، بسبب معاناتهم اليومية جراء ظروف الطقس القاسية.
وأوضحت ذات الجريدة في مقال في أعلى صفحتها الأولى وأحالت بقيته على الصفحة الرابعة، أن علو الثلوج بلغ مترا ونصف في بعض المناطق، ما عمق من معاناة الأهالي بسبب العزلة جراء انقطاع الطرق وانقضاء المؤونة وحطب التدفئة.
ونقلت الجريدة عن مصطفى العلاوي، وهو أحد سكان دوار "تيقجاوين" بإقليم ميدلت، قوله: "نحن محاصرون.. وجميع السكان فوجئوا بتساقط الثلوج، وأغلبهم لم يكن قد اتخذ احتياطاته، ولم يجلب المؤونة أو حطب التدفئة.."، مضيفا أنه "في حالة ما إذا استمر الأمر هكذا، لا قدّر الله، فقد تحدث كارثة إنسانية".
وزاد المتحدث ذاته في سرده لمعاناة الساكنة جراء هذا الجو القاسي: "الطرق نحو مداشرنا ودواويرنا مقطوعة، كما أن العديد من الأكواخ والأسر توجد في حالة عزلة، ولا نستطيع الوصول إليها".
وأوردت "أخبار اليوم" تصريحا للفاعل الجمعوي والحقوقي بإقليم إفران، عزيز العقاوي، أكد فيه أن المشكل نفسه يطرح كل سنة، مرجعا السبب الرئيس لعزلة المناطق المحاصرة بالثلوج إلى تخلف البنية التحتية بهذه المناطق.
وقال المتحدث ذات إن "الدولة تولي اهتماما بالطرق الرئيسية والممرات الكبرى، ولا تلتفت إلى الطرق الثانوية والمعابر المؤدية إلى الدواوير، وهو ما جعل الناس يغامرون باقتحام الثلوج من أجل جلب المؤونة".
سبات شتوي!
لم يعد قدوم فصل الشتاء يعني شيئا آخر غير الجحيم الذي لا تؤمن نهايته، بالنسبة لبعض سكان أعالي الجبال، خاصة تلك المناطق المتأخمة لمرتفعات الأطلسين المتوسط والكبير.
وبات فصل الشتاء بمثابة سبات شتوي يضطر معه الأهالي إلى التحضير له من خلال توفير المؤونة الكافية وكمية الحطب اللازم خلال فترة الحصار الطبيعي الذي يعزل هذه المناطق، المعزولة أصلا، عن محيطها.
ومن بين المشاكل التي يواجهها سكان هذه المناطق كل عام، هو وفيات المواليد وبعض الأمهات التي يفاجئهن المخاض العسير في فترات البرد القارس، حيث يصعب نقل الحوامل إلى المستشفيات بسبب انقطاع الطرق والمسالك، مما يضطرهم إلى حملهن على الدواب أو فوق النعوش، غير أن الجرة لا تسلم دائما، إذ غالبا ما تقضي المرأة أو الجنين قبل بلوغ المستشفى.