تحليل: ما سر إقبال المغاربة بكثرة على المحتوى "التافه"؟

استهلاك التفاهة . DR

في 05/11/2022 على الساعة 20:28

خلافات المشاهير، تفاصيل حياتهم الشخصية، يومياتهم، فضائحهم وغيرها... كلها أمور أصبحت تستحوذ على اهتمام أغلب رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وبعض الصفحات، التي أصبحت تقتات على أخبار المشاهير لتحقق نسب مشاهدة عالية وتجلب أكبر عدد من المتابعين.

فلماذا يستهلك المغاربة بشكل كبير هذه النوعية من المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي، بينما لا يهتمون بكل ما هو تثقيفي ومعرفي؟ لماذا أصبح "البووز" مرتبطا بكل ما هو سطحي وتافه فقط، بينما لا تحقق المواضيع الجدية نفس الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي؟

كل هذه الأسئلة طرحها LE360 على الدكتور محسن بنزاكور، الباحث في علم الاجتماع، الذي قال إن "ما يقع اليوم في قضية تتبع أعراض الناس والمحتوى التافه واللاأخلاقي، يعود لثقافة قديمة تسمى "التبركيك" أو الإنصات وراء الأبواب، والتي تعتبر من شيم الناس الذين يتصفون بـ"الوقاحة"، ومع ظهور الأنترنت، سينضاف إلى هذه الصفة خاصية "J’aime je partage"، التي لديها هدف تجاري، ولكن من الناحية النفسية تخلق لدى الإنسان نوعا من الفضول، وبالتالي ينسى مبادءه وأخلاقه".

وعن عدم اهتمام بعض النشطاء بالمحتوى الهادف، قال بنزاكور "إن هذا الأمر مرتبط لدى هؤلاء بنقص الوعي، وعدم الاهتمام بالقضايا التي تهم الناس، وهذا يدل أننا كمغاربة أصبحنا مستهلكين، نهتم باللذة والمتعة فقط، ولا تهمنا القضايا الكبرى".

استهلاك التفاهة مرتبط بهرمون الدوبامين

وحسب الباحث نفسه، فـ"استهلاك فيديوهات التفاهة مرتبط بهرمون الدوبامين، فكلما انتهى أحدهم من مشاهدة فيديو معين، يكون بحاجة لمشاهدة فيديو آخر، وهكذا ينتقل من فيديو تافه إلى آخر أكثر تفاهة، وهذا ما يسمى بالإدمان على التفاهة".

الفراغ وعلاقته باستهلاك التفاهة

تعتبر الباحثة في علم الاجتماع سمية نعمان جسوس أن الفئة التي تستهلك المحتوى التافه "هي فئة لديها الكثير من وقت الفراغ، ولا تمارس أية أنشطة مفيدة لملء هذا الفراغ، وهذا راجع في بعض الأحيان إلى عدم توفر المادة، بالإضافة إلى الأمية، والأمية الوظيفية أيضا".

وأوضحت في تصريح لـLE360 أن "حب الاستطلاع منتشر في ثقافتنا المغربية، وينقسم إلى شقين: شق إيجابي يرتكز على حس التضامن، والمساعدة والاهتمام بالغير، أما الشق السلبي فينبني على الاهتمام بمعرفة تفاصيل حياة الآخرين، والرؤية إلى الآخر بشكل مبالغ فيه".

متابعة التفاهة إهانة للكرامة

ترى الباحثة سمية نعمان جسوس أن "96 بالمائة من المغاربة فوق سن الخمس سنوات لديهم هواتف محمولة، الأمر الذي جعلهم يدمنون هذه الأجهزة، وفأصبح استهلاك المحتوى التافه بالنسبة إليهم سهلا وفي متناولهم في أي وقت ومكان، ولكنهم لا يدركون أن هذا الأمر هو إهانة لكرامتهم، ويساهم في تفشي الغباء".

هل هناك حلول جذرية؟

وعن الحلول التي يقترحها هذان الباحثان للتقيلل من هاته الظاهرة، يرى الباحث بنزاكور أنه "يجب على وزارة التربية الوطنية أن تعي بأن الجيل الحديث هو أكبر مستهلك لوسائل التواصل الاجتماعي، وعلى المجتمع المدني والأحزاب أن تقوم بالتأطير المجتمعي لهذه الفئة. وبالنسبة للأشخاص الذين يقدمون محتوى ذو جودة وهادف، عليهم أن يطوروا من طريقة عرضهم لهذا المحتوى حتى يكون أكثر جاذبية وأكثر اقناعا".

أما الباحثة سمية نعمان جسوس فتدعو الأباء إلى "توعية أبنائهم حتى يتمكنوا من انتقاء المحتوى الهادف الذي يمكنهم استهلاكه".

وتتفق جسوس مع بنزاكور في ضرورة إشراك التعليم في هذا الأمر، حيث ترى أن "النظام المدرسي يجب أن يلعب أيضا دورا في توجيه الأطفال من السلك الابتدائي إلى الجامعي، فالشباب الآن لم تعد لديه كفاءة التفكير، لأنهم أصبحوا يصدقون أي شيء يعرض عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

تحرير من طرف غنية دجبار
في 05/11/2022 على الساعة 20:28