وأوردت يومية "الأخبار"، في عددها الصادر ليوم الثلاثاء 22 مارس 2022، هذا الموضوع، مشيرة إلى أن اللجنة البرلمانية تدارس مقترح القانون، والذي يعد بمثابة تغيير وتتميم المادة 20، من القانون رقم 70-03 بمثابة مدونة الأسرة، مبينة أن هذا المقترح ظل حبيس رفوف لجنة العدل والتشريع، منذ أزيد من تسع سنوات، حيث أحيل على مجلس النواب من طرف مجلس المستشارين، الذي صادق على المقترح بتاريخ 22 يناير 2013، وأحاله مكتب مجلس النواب على لجنة العدل والتشريع بتاريخ 29 يناير 2013، لكن في أثناء مناقشته برزت خلافات قوية داخل الأغلبية الحكومية آنذاك، إبان تولي مصطفى الرميد، حقيبة وزارة العدل والحريات، في حكومة عبد الإله بنكيران.
وأضافت اليومية أن هذا المقترح بقي "محتجزا" داخل لجنة العدل والتشريع في الولاية السابقة، ولم يبرمج للمناقشة والمصادقة عليه، إذ تسبب في خلافات بين مكونات الأغلبية الحكومية في عهد حكومة بنكيران، وتم تأجيل الحسم فيه عدة مرات داخل هذه اللجنة، حيث تقدم فريق حزب التقدم والاشتراكية الذي كان يشارك في الحكومة، بطلب فتوى حقوقية من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، فيما قدم فريق العدالة والتنمية طلبا مضادا للحصول على "فتوى شرعية"، من المجلس العلمي الأعلى، حول "إجازة زواج القاصرات".
واعتبرت الجريدة، في مقالها، أن معركة قوية اندلعت داخل الأغلبية الحكومية آنذاك، بخصوص منح تسهيلات وهوامش قانونية للقضاء، لكي يمنح الإذن بزواج القاصرات، شريطة أن لا يقل سنهن عن 16 سنة، في حين طالب البرلمانيون المنتمون إلى باقي الفرق النيابية، بتقليص هذا الهامش، ووضع شروط تروم تشديد الخناق على ذلك، وحجتهم في ذلك أن الأصل في القانون يحدد سن الزواج في 18 سنة، وأن الإذن بزواج الفتاة التي تبلغ هذا السن هو مجرد استثناء.
وينص مقترح التعديل الذي شمل المادة 20 من مدونة الأسرة، على أن لقاضي الأسرة المكلف بالزواج، أن يأذن بزواج الفتى من الفتاة دون سن الأهلية المنصوص عليه في المدونة، والمحدد في 18 سنة، على أن لا يقل سن المأذون عن 16 سنة، بمقرر معلَّل يبين فيه المصلحة والأسباب المبرِّرة لذلك، بعد الاستماع لأبوي القاصر أو نائبه الشرعي، مع الاستعانة وجوبا بخبرة طبية وبحث اجتماعي.
وفي جميع الأحوال، يلزم هذا التعديل القانوني، القاضي بضرورة مراعاة تقارب السن بين الطرفين المعنيين بالزواج، كما نص على أن مقرر الاستجابة لطلب الإذن بزواج القاصر غير قابل لأي طعن.
وحذر أعضاء بلجنة العدل والتشريع، من مخاطر أن يتحول زواج الفتيات القاصرات إلى قاعدة، والزواج في سن الأهلية إلى استثناء، وطرحوا مجموعة من المخاطر الناتجة عن تزويج الفتيات في سن مبكرة، من بينها تزايد أعداد وفيات الزوجات القاصرات عند الولادة، وارتفاع نسبة المطلقات منهن، والمشردات والمهملات، واللواتي أصبحن عالة على المجتمع، وتزايد أعداد الأمهات الطفلات غير المؤهلات لتربية الأطفال، وتزايد نسبة القاصرات المتزوجات المنقطعات عن الدراسة، والمساهِمات في الرفع من نسبة الأمية، وأغلبهن غير متوفرات على القدرة على التمييز والإدراك، منبهِّين في الوقت ذاته من تزايد نسبة المريضات بسرطان الرحم، نتيجة الزواج المبكر، وارتفاع نسبة غير القادرات على تحمل أعباء الزواج، وهو ما ينتج مشاكل اجتماعية أخرى أكثر خطورة، من قبيل تزايد حالات الإجرام والعنف في حق الزوجات، وتفشي ظاهرة الانتحار بعد الزواج.
وكشفت دراسة أنجزتها رئاسة النيابة العامة عن أرقام صادمة بخصوص طلبات زواج القاصرات، حيث بلغت 19926 طلبا للإذن بزواج القاصر، خلال السنة الماضية، وافق القضاء على أكثر من 13 ألف طلب منها، وهو ما دفع الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة والوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، الى اعتبار هذه الأرقام دليلٌ على "ظاهرة مقلقة" في البلاد، لأن الواقع أنتج وضعية لا تسایر فلسفة المشرِّع، التي جعلت هذا الزواج استثناء في أضيق الحدود، مضيفا أن "إذا كان القضاة غير مسؤولين عن الأرقام المهولة من الطلبات الرامية إلى تزويج القاصرات، لارتباط ذلك بمجموعة من العوامل السوسيو- ثقافية والاقتصادية والتنموية وغيرها، فإننا بالمقابل مسؤولون جميعا عن الأرقام المرتفعة لزواج القاصر".