وتروم هذه الجامعة التي أطلقتها المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، إلى تحقيق عدة أهداف، منها الإدماج السوسيو-اقتصادي للسجناء، وإشراكهم في التنمية، وصون كرامتهم، وتعزيز حس المواطنة لديهم.
وفي كلمته الافتتاحية، اعتبر المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج محمد صالح التامك أن اختيار موضوع هذه الدورة التاسعة نابع من راهنيته وارتباطه بالتحولات الاستراتيجية التي تشهدها المملكة، وخصوصا بعد تقديم ونشر التقرير الخاص بالنموذج التنموي الجديد، وكذا بعد إدماج توجهاته في البرنامج الحكومي.
وذكر التامك بأن المندوبية العامة حرصت على المشاركة في مسلسل مشاورات اللجنة الخاصة بهذا النموذج التنموي من خلال إعداد ورقة حول "الشأن السجني وسجون الغد"، حيث أحاطت من خلالها اللجنة المذكورة بالمعطيات الخاصة بالمؤسسات السجنية وبواقعها والتحديات المرتبطة بمجال تدبيرها اليومي، وبسطت تصورها لمستقبل السجون وفق رؤية تستحضر الإمكانيات المادية والبشرية الضرورية والكافية لتدبير هذا القطاع في ارتباط بمتطلبات المقاربة الحقوقية، مع تسليطها الضوء، من جهة أخرى، على أهم الإكراهات التي تعيق جهود إصلاح نظام السجون.
وتابع أن المندوبية العامة ركزت في إسهامها في بناء النموذج الجديد للتنمية على جملة من المحاور، بينها محور بناء سجون منتجة تساهم في إنتاج الثروة وتنفيذ الاستراتيجية التنموية الوطنية، وتنفتح على محيطها الاقتصادي وتجلب بذلك المستثمرين إليها، مسجلا أن من شأن التوجه الخاص بهذا المحور أن يفتح أوراشا تأهيلية إدماجية ببعد إنتاجي، وأن يجعل من السجناء مواطنين منتجين لا مستهلكين فقط، وأن يتيح حفظ كرامتهم من خلال إعطائهم فرصة حقيقية كمؤثرين في مسار تنمية بلدهم ومحيطهم.
ودعا التامك، في هذا الصدد، إلى إشراك كل فئات المجتمع المغربي، بما فيها فئة نزلاء المؤسسات السجنية، بالنظر إلى كونهم مواطنين يتمتعون بكامل حقوقهم بغض النظر عن الأحكام القضائية الصادرة في حقهم، وهو ما يتجسد في العناية السامية التي يحرص الملك على إحاطتهم بها منذ توليه عرش البلاد.
من جانبه، أكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي أن كل شخص له الحق في الاستفادة من تعليم ذي جودة سواء كان معتقلا أو ينعم بالحرية، مبرزا أهمية الرأس المال البشري باعتباره حجر زاوية لتطور أي دولة.
واعتبر ميراوي أنه من غير المعقول حرمان معتقل من حقوقه الأساسية والدستورية، مشيرا إلى أهمية التربية والتعليم والتكوين في مكافحة الجريمة وفي إعادة الاندماج الناجع للمواطنين.
وأضاف أن تعميم تكنولوجيات الإعلام والاتصال والنهوض بالتعليم عن بعد، سيمكنان من تعزيز قدرات المندوبية العامة لإداة السجون وإعادة الإدماج.
من جهته، قال الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء أحمد عبادي إن المندوبية العامة تسهر على توفير بيئة كريمة للسجناء في احترام كامل لحقوقهم الإنسانية، مع مراعاة الجوانب الوجودية والروحية والمنطقية والاجتماعية والجسدية للمعتقلين.
وحسب عبادي، فإنه يتعين على المجتمع تسخير الوسائل البشرية واللوجيستيكية الضرورية من أجل إعادة إدماج السجناء بشكل جيد. ويتضمن برنامج هذه الدورة ثلاث جلسات تتمحور حول "نزلاء المؤسسات السجنية رأسمال بشري مساهم في التنمية"، و"النموذج التنموي الجديد.. انتظارات وتطلعات السجناء"، و"سجون منتجة.. طموح للتغيير"، تعقبها مناقشات عامة.