في الأيام الأخيرة، يشن المدافعون عن الصحافي عمر الراضي، المسجون منذ يوليوز 2020 بتهمة الاغتصاب، حملة على وسائل التواصل الاجتماعي لدعمه في الإضراب عن الطعام الذي يخوضه من أجل وضع حد لاعتقاله الاحتياطي.
بالنسبة لحفصة بوطاهر، وهي الضحية المفترضة للاغتصاب الذي ارتكبه ضدها عمر الراضي، فإن هذا الدعم غير المشروط لمغتصبها المفترض، من خلال نشر هاشتاغ على وسائل التواصل الاجتماعي، هو وسيلة لتكريس ثقافة الاغتصاب ودعم من تصفه في تغريدة على تويتر بـ"بطل الاغتصاب". بالنسبة لهذه المرأة التي تحارب بشجاعة ضد التبخيس والازدراء اللذين تتعرضت لهما، لا يمكن أن يعامل المغتصب معاملة البطل.
كما أنها تتساءل عن الدوافع وراء هذا الدعم اللامشروط من قبل "أشخاص يشتغلون لصالح جهات أخرى لتحقيق أهداف معينة باسم حقوق الإنسان"، ما لم يكن هؤلاء الأشخاص، كما تقول، "غير متورطين في قضايا مماثلة ويخافون من الفضيحة". بالنسبة لها، دعم عمر الراضي بشكل أعمى، دون الأخذ بعين الاعتبار تصريحات ضحيته المفترضة، هو في حقيقة الأمر "ممارسة سياسة ترهيب الضحايا وفرض الصمت عليهم".
هذه الشابة، التي بدت مصدومة من هذه المواقف، تعبر عن دهشتها من خلال مجموعة من التغريدات تؤكد فيها: "إما أنهم لم يفهموا، أو أنهم لا يريدون أن يفهموا"، متهكمة من هؤلاء الذين يمارسون التنويم المغناطيسي على بعض العقول، أو من محاولات البعض الركوب على هذه القضية من أجل الظهور الإعلامي.
كما استنكرت حفصة بوطاهر "أولئك الذين يبيعون بثمن بخس كرامتهم وشرفهم وبلدهم ...". أما هؤلاء الذين "يستغلون حقوق الإنسان لأغراض تجارية، أمنحهم ميدالية ذهبية في الاتجار بالبشر".
ووجهت حفصة بوطاهر من جهة أخرى سهام نقدها للمعالجة الإعلامية لوسائل الإعلام الفرنسية (ميديا بارت وليمانيتي) لقضيتها ضد عمر الراضي. "هؤلاء الذين يدعون الدفاع عن حقوق المرأة ضاعفوا من نشر الأكاذيب والبهتان وتزييف الحقائق المعطيات، دون أدنى احترام للسلطة القضائية المغربية ودون احترام للضحية ودون أدنى اعتبار للحالة النفسية التي أعاني منها ولا للجرح الذي لم يندمل بعد... لن أسامحكم أبدا".
تشير حفصة بوطاهر في هذه التغريدة إلى مقالات صحفية منحازة حاول فيها صحفيان تشويه سمعتها من خلال وصفها بأنها كاذبة ومتآمرة ذات ملف نفسي غير مستقر.
وختمت قائلة: "لكل شخص قضية يدافع عنها، ويكرس حياته من أجلها، وهذه قضيتي وسأعيش من أجلها...إذا حدث العكس، فسيكون الموت أهون علي".
بيان دعم للجمعية المغربية لحقوق الضحايا
من جهتها، أعربت الجمعية المغربية لحقوق الضحايا في بيان صحفي، صدر في 20 أبريل 2021، عن معارضتها الرامية لوضع العراقيل أمام الضحية حفصة بوطاهر، من أجل الحؤول دون ولوجها لقضاء عادل ومنصف، مشيرة إلى أن الضحية تقدمت أمام النيابة العامة بشكاية لفضح ما تعرضت له من جرائم جنسية.
كما عبرت الجمعية عن استنكارها "لبعض التصريحات اللامسؤولة" الصادرة عن المدافعين عن المغتصب المفترض و"التي تمس بكرامة الضحية وبسمعتها وبسمعة كل ضحايا الانتهاكات الجنسية اللائي اخترن كسر جدار الصمت". كما يأتي هذا التضامن، يضيف البيان، ردا على "الحملة الشرسة التي خاضها بعض المدافعين عن حقوق المتهمين".
ودعت الجمعية "كل الهيئات الحقوقية والمنظمات الحكومية وغير الحكومية الوطنية والدولية، المؤمنة بحقوق الإنسان" لمناهضة "كل أشكال الاعتداءات والجرائم الجنسية وحماية ضحاياها، وتوفير سبل الانتصاف للضحية في قضايا الاغتصاب والجرائم الجنسية" و"لاستحضار الموضوعية والتحري في قضايا ضحايا الاعتداءات والجرائم الجنسية". كما ناشدت أيضا "كل المكلفين والساهرين على إنفاذ القانون بتوفير ضمانات الحماية القانونية والقضائية للضحية حفصة بوطاهر ولكل ضحايا الانتهاكات الجنسية طبقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 169/34 ولكل القرارات ذات الصلة".
وفضلا عن ذلك، حذرت الجمعية المغربية لحقوق الضحايا الرأي العام من محاولات البعض لتغليطه "بهدف استجداء التعاطف الوطني والدولي للتأثير على استقلال القضاء" و"تشجيع الإفلات من العقاب" لمتهم يصور على أنه "مناضل معتقل على خلفية حرية الرأي والتعبير" على حساب ضحايا تعرضوا لضرر جسيم.
أن تكون صحافيا أو فنانا موهوبا أو حتى عبقريا، فذلك لا يعفي من المتابعة القضائية على تهم خطيرة مثل تهمة الاغتصاب. حفصة بوطاهر، التي كسرت جدار العار، مصممة على المضي قدما في هذا الملف إلى حين تحقيق العدالة. معركتها تستحق كامل الاحترام والتقدير.