وقاد البروفيسور طريبق فريقا علميا أعد دراسة في الموضوع بمختبر أبحاث جامعة ولاية بنسلفانيا خلصت نتائجها إلى أن حاصرات قنوات الكالسيوم من الفئة المذكورة تتسبب في حدوث تغيرات في الأوعية الدموية - تسمى إعادة تشكيل الأوعية الدموية - تقلل من تدفق الدم وتزيد من الضغط الدموي.
واستنادا إلى المعطيات الوبائية، وجد فريق البحث أيضا أن حاصرات قنوات الكالسيوم من نوع "ل" ترتبط بزيادة خطر الإصابة بفشل القلب، ولذلك فإن نتائج الدراسة تنصح بتوخي الحذر عند وصف هذه الأدوية للمرضى، لاسيما كبار السن والأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم في مراحله المتقدمة.
وأوضح الخبير المغربي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن حاصرات قنوات الكالسيوم من نوع "ل" يتم استخدامها لمنع دخول الكالسيوم إلى خلايا العضلات الملساء والسماح للأوعية الدموية بالارتخاء، وبالتالي إيقاف ارتفاع ضغط الدم.
وقال إن فريق البحث الذي قاده "اكتشف أنه خلال المرحلة المزمنة لارتفاع ضغط الدم، هناك عائلة جديدة من قنوات الكالسيوم من نوع "STIM/ORAI" تظهر على سطح خلايا العضلات الملساء، وتنشطها حاصرات قنوات الكالسيوم من نوع "ل"، ما يتسبب في زيادة تدفقات الكالسيوم في خلايا العضلات الملساء، ويؤدي إلى تفاقم ضغط الدم عبر آلية جزيئية جديدة، غير معروفة حتى الآن".
وأوضح أن حاصرات قنوات الكالسيوم، التي يفترض أنها تخفض ضغط الدم عن طريق غلق قنوات الكالسيوم من نوع "ل"، تنشط قنوات الكالسيوم الجديدة من نوع "STIM/ORAI" وتزيد من ارتفاع ضغط الدم.
وبناء على ذلك ، توصي الدراسة التي أشرف عليها البروفيسور طريبق، بتجنب المرضى المسنين أو الذين يعانون من إعادة تشكيل الأوعية الدموية استخدام حاصرات قنوات الكالسيوم من نوع "ل"، لأن "ضررها أكبر من نفعها بالنسبة لهذه الفئة من المرضى".
واعتبر طريبق أن تعامل الأطباء مع علاج ارتفاع ضغط الدم ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار نتائج هذه الدراسة التي يرعاها المعهد الوطني الأمريكي للعلوم الطبية العامة، والمعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، ووزارة الدفاع الأمريكية، على الخصوص، والتي نشرت نتائجها مؤخرا في سجلات الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم.
كما دقق فريق البحث الذي يقوده طريبق المعطيات الوبائية بقاعدة البيانات السريرية لولاية بنسلفانيا، حيث وجد أن حالات فشل القلب كانت مرتفعة بشكل ملحوظ لدى المرضى الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم و الذين وصفت لهم حاصرات قنوات الكالسيوم من نوع "ل" مقارنة بأولئك الذين يعالجون بأنواع أخرى من أدوية ضغط الدم.
وأشار الخبير المغربي أيضا إلى أن أمراض القلب والأوعية الدموية تمثل أحد الأسباب الرئيسة للوفاة عبر العالم، وتزداد انتشارا، لاسيما في البلدان النامية، مبرزا أن الأمر يتعلق أساسا بمرض ارتفاع ضغط الدم الذي يمكن أن يؤدي في معظم الحالات، إذا لم يتم علاجه، إلى أمراض القلب والأوعية الدموية مثل فشل القلب وتمزق الأوعية والسكتة الدماغية.
وذكر في هذا الصدد، أن الأوساط العلمية المتخصصة تطلق على مرض ارتفاع ضغط الدم تسمية "القاتل الصامت"، في إشارة إلى الجانب الخطير وغير المعروف من المرض لدى عامة الناس، موضحا أن "جمعية القلب الأمريكية" تعرف ارتفاع ضغط الدم بأنه ضغوط انقباضية/انبساطية تحدث باستمرار وتفوق 130/80 ملم زئبق.
وأكد أستاذ الفسيولوجيا الخلوية والجزيئية بجامعة ولاية بنسلفانيا أنه على الرغم من الكمية الكبيرة من الأدوية التي تعالج ارتفاع الضغط الدموي المتوفرة في الوقت الراهن، فإن هناك عددا كبيرا من المرضى الذين لا يستجيبون لها بشكل جيد، والذين يحتاجون أحيانا لتناول جرعة زائدة أو صنفين أو أكثر من الأدوية لخفض ارتفاع ضغط الدم، مع ما يصاحب ذلك من آثار جانبية غير مرغوب فيها.
ولذلك، يضيف الخبير المغربي، يتم حاليا بذل جهود بحثية دؤوبة لإيجاد أدوية جديدة أكثر فعالية، مشددا، في هذا الصدد، على أن اكتشاف حاصرات فعالة لقنوات الكالسيوم من فئة "STIM/ORAI" يمكن أن يشكل فئة جديدة وواعدة من الأدوية المعالجة لارتفاع ضغط الدم.
وختم البروفيسور طريبق حديثه بالقول، "هذا هو الاتجاه الذي ستركز عليه الجهود البحثية في مختبرنا على مدى السنوات القادمة".