الأول مات بردا أو جوعا، والثاني حرقت جثته، أما الثالث فبترت أطرافه ونهشت الكلاب الضالة لحمه، هي جرائم عديدة ترتكب في حق أبرياء صغار، لم يكن لهم ذنب سوى أنهم كانو نتاج علاقة غير شرعية بين أب غير مسؤول رفض الاعتراف به، وأم غير مؤهلة اجتماعيا للتكفل به بل وتجردت من غريزة الأمومة خوفا من العار والفضيحة.
سيناريوهات عديدة تتكرر معها فصول هذه الجرائم البشعة التي يرتكبها آباء في حق أطفالهم، من أبشعها تلك التي شهدتها مدينة خنيفرة الأسبوع الماضي، حيث عثر مواطنون على جثة رضيع مبتورة الأطراف، نصفها محروق، والكلاب الضالة تنهش لحمه.
ظاهرة وإن كان يصعب تحديد حجمها في ظل غياب إحصائيات دقيقة، إلا أن المختصون في هذا المجال يأكدون استفحالها، ومن أجل تسليط الضوء أكثر عليها حللنا بإحدى الجمعيات الناشطة في مجال حماية الطفولة والمرأة، وصادفنا فتيات كن بالأمس القريب يحلمن بمستقبل أفضل لكن شاءت الأقدار ووقعن ضحايا نزوات جنسية.
هند وسهام أسماء مستعارة لفتاتين في عمر الزهور، وقعتا ضحية تجربة حب فاشلة، ووعد كاذب بالزواج، بعد اكتشاف حملهما قررتا مغادرة منزل الأسرة إلى وجهة مجهولة، خوفا من ردة فعل الأهل ونظرة وكلام الجيران، فوجدتا نفسيهما أمام خيارين مصيريين إما أن يحتفظا بطفليهما أو يتخليا عنهما، لكن اختارتا قرار التحدي ومواجهة الواقع ونظرة المجتمع.
وبحسب تقرير "الطفل المهجور في المغرب"، الصادر عن "اليونيسف" و"الرابطة المغربية لحماية الطفولة"، فإنه يتم التخلي عن طفل في كل ساعة، أي في اليوم الواحد يصل عدد الأطفال المتخلى عنهم بالمغرب إلى 24 طفلا.
وكشفت دراسة أنجزتها جمعية "إنصاف" المدافعة عن حقوق الأطفال والنساء، عن وجود حوالي 200 ألف أم عازبة، و24 طفلا يتم التخلي عنهم في كل يوم، بين سنتي 2003 و2010.
ورصدت الجمعية، في دراسة أخرى تخص جهة الدار البيضاء-سطات، وجود ما يزيد عن 44 ألف طفلا مولودا خارج إطار الزواج، أي ما يُعادل 3366 طفلا في السنة، منهم 9400 طفلا تم التخلي عنهم، وذلك بين سنتي 2004 و2014.
هذا، وقد أكدت دراسة أخرى، قامت بها "العصبة المغربية لحماية الطفولة "، حول ظاهرة الأطفال المتخلى عنهم، أن عدد الأطفال المتخلى عنهم سنة 2008 بلغ 4554 طفلا، أي ما يعادل 1.3 في المائة من مجموع الولادات في السنة ذاتها.
تصوير ومونتاج: سعد اعويدي
