"خادمات البيوت".. سيدات يتجرعن "الذل والمهانة" هروبا من شبح الفقر

DR

في 17/11/2019 على الساعة 18:45

رغم دخول القانون رقم 19.12 المتعلق بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين حيز التنفيذ منذ أكثر من سنة، لازالت معاناة هذه الفئة من المواطنين مستمرة في ظل عدم امتثال أغلب المشغلين للمقتضيات والشروط التي ينص عليها القانون الجديد.

نساء فاتهن قطار التعليم فوجدن أنفسهن على حافة المعاناة، يتعرضن للاستغلال وسوء المعاملة، ويتجرعن ذُلا ومهانة كلما طرقن باب منزل جديد، ناهيك عن الأعمال المنزلية الشاقة والمتعبة التي تثقل كاهلهن.

التنظيف، الطبخ، رعاية الأطفال، التبضع ومهام أخرى توكل إلى المساعدات المنزليات، ويستغرق إنجازها ساعات طوال قد لا تنتهي إلى أن يسدل الليل ظلامه، فعلى الرغم من اختلاف الأسباب والدوافع التي دفعت هؤلاء النسوة لامتهان خدمة البيوت، إلا أن الهدف واحد هو الهروب من شبح الفقر الذي يلاحقهن، ورغبة في تلبية حاجيات أسرهن، وتفاديا لشر التسول.

تقول نعيمة، وهي سيدة أربعينية في حديثها مع Le360: "اصطحبتني سيدة غنية من منزل عائلتي بإحدى القرى ضواحي مدينة مراكش، وهي منطقة تفتقر لأبسط شروط العيش، من أجل مساعدتها في الأعمال المنزلية عندما كان عمري 8 سنوات، كانت من أطيب خلق الله، اشتغلت معها إلى أن بلغت من العمر 20 عاما، ثم تزوجت وانتقلت إلى منزل زوجي، وكنت أذهب لمساعدتها بين الحين والآخر قبل وفاتها، واليوم أنا أنتقل من منزل لآخر ومن شركة لأخرى بحثا عن عقد أو أوراق قانونية تضمن لي حقوقي".

تتابع نفس المتحدثة والدموع تغمر عينيها: "نعاني من التهميش، ويعاملونا كعبيد، لا أملك أي دبلوم ولم أتعلم أي حرفة غير الأعمال المنزلية، وها أنا ما زلت أعاني من المعاملة السيئة، أشتغل طوال الأسبوع، ولا أستفيد من الإجازة السنوية، ويمكن أن أطرد في أي لحظة دون الحصول على تعويض".

ومن جانبها تؤكد السيدة فاطمة معاناتها في خدمة البيوت، وتقول: "اشتغلت لفترة طويلة في عدة منازل صادفت أناس طيبون وآخرون لا يملكون في قلوبهم ذرة رحمة، انتقلت من مكان لآخر بحثا عن أوراق قانونية تضمن لي حقي في حالة إصابتي بحادث في العمل، لكنني لم أجد شيء غير غياب احترام الإنسانية والمجهود البدني والنفسي المبذول".

تضيف فاطمة: "ابتعدت قليلا عن خدمة البيوت طمعا في الحصول على راتب محترم وتغطية صحية، اشتغلت بإحدى الشركات المتخصصة في صناعة الحقائب بمنطقة بوسيجور بالدار البيضاء، كنت أتقاضى 4 دراهم على كل ساعة عمل، كنا نشتغل من الثامنة صباحا إلى حدود الساعة السادسة مساء، وهناك ساعات إضافية لمن سمحت لها قدراتها البدنية على الاستمرار في العمل، وكان راتبي في الشهر يصل إلى 900 درهم".

"اشتغلت في تنظيف مدرسة خصوصية للمهندسين من 4 طوابق، كل طابق مكون من 3 أقسام كبيرة إضافة إلى قاعة بمدرجات كبيرة مثل مدرج الجامعات، كنت أشتغل كل يوم من السابعة والنصف صباحا إلى السادسة مساء، عطلتي يوم في الأسبوع، اشتغلت معهم لمدة عام ونصف براتب 1000 درهم بدون أوراق، كانت معاملتهم طيبة لكن عند خروجي من العمل بطلب منهم لم أحصل على تعويضات، لا أتمنى لأي سيدة أن تمر من تجربتي، فالعمل الشاق أنهكني ولو كان بحوزتي دبلوم لما سلكت طريق الذل والمهانة".

اتصلنا بسليمة عظمي، المسؤولة عن قسم السلامة والصحة والشغل بوزارة الشغل والإدماج المهني، التي أقرت بغياب إحصائيات دقيقة بخصوص عدد العاملات المنزليات على المستوى الوطني، مؤكدة بأن عدد المصرح بهن بوضع عقود اشتغالهم لدى مديرية الشغل وصل اليوم إلى 690 عقد، بعد مرور سنة على دخول القانون 19.12 حيز التنفيذ.

وبخصوص الأشخاص الذين لهم الحق في التصريح بالعاملين لديهم، نفت المسؤولة بمديرية الشغل، أن يكون هذا القانون خاص بالشركات فقط، مؤكدة أنه بإمكان أي شخص يشغل عاملين بمنزله سواء في التنظيف، الطبخ، البستنة، أو السياقة، إبرام عقود شغل معهم، والتصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وتضيف نفس المتحدثة: "فبعد دخول المرسوم رقم 686.18.2 المتعلق بشروط تطبيق نظام الضمان الاجتماعي على عمال المنازل حيز التنفيذ في يونيو2019، فإن %50 من العقود الموضوعة لدى مفتشية الشغل تم التصريح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بشكل إرادي.

وأكدت سليمة عظمي على أن هذا المرسوم، يعطي للمشغلين مدة سنة كحد أقصى للتصريح الإرادي بالعاملات والعمال المنزليين لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وبعد انصراف السنة الممنوحة يصبح هذا التصريح إجباري، كما يمكن لأي عامل أو عاملة لم يتم تصريح به تقديم شكاية إما لدى مفتش الشغل، أو لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.

وحسب ما ورد في الجريدة الرسمية عدد 3 يونيو 2019، ففي حالة ثبوت عدم انخراط المشغل أو عدم تسجيل العاملات أو العمال المنزليين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بناء على شكاية أو شكايات يتوصل بها الصندوق في الموضوع مدعمة بعقد العمل أو بمحضر لمفتشية الشغل موقع بين المشغل والعاملة أو العامل المنزلي، في حالة إجراء محاولة التصالح، آو بناء على حكم قضائي يثبت العلاقة الشغلية، يوجه الصندوق إلى المشغل المعني إنذارا بواسطة رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل من أجل تقديم طلب ملف الانخراط والتسجيل، وفي حالة عدم جواب المشغل داخل أجل شهر واحد من تاريخ التوصل بهذا الإنذار، يباشر الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي تلقائيا عملية انخراط المشغل، وتسجيل العاملات والعمال المنزليين طبقا للمسطرة الجاري بها العمل في هذا الشأن.

عقوبات في انتظار المشغلين غير الملتزمين بالقوانين:

يعاقب بغرامة تتراوح ما بين 3000 و5000 درهم لكل مشغل، لم يتقيد بأحكام المادة 3 من القانون رقم 12.19، ويعاقب بغرامة تتراوح ما بين 500 و1200 درهم، لكل مشغل لم يسلم شهادة الشغل المنصوص عليها، أو لم يسلمها داخل الأجل المحدد، أو لم يضمنها بيانا من البيانات المنصوص عليها، أو لم يتقيد بأحكام المادة 13 المحددة لمدة العمل والراحة الأسبوعية، أو امتنع عن منح العاملة أو العامل المنزلي حقه في الراحة التعويضية المنصوص عليها في المادة 14 من القانون رقم 12.19، واستراحة الرضاعة المنصوص عليها في المادة 15، إضافة إلى العطلة السنوية المؤدى عنها المنصوص عليها في المادة 16، والأعياد الدينية والوطنية المنصوص عليها في المادة 17، مالم يتفق الطرفان على تأجيل الاستفادة منها إلى وقت لاحق، وكل شخص امتنع عن تمتيع العاملة أو العامل المنزلي من الاستفادة من أيام التغيب المنصوص عليها في المادة 18، أو تماطل في أداء الأجر عنها، ولم يتقيد بأحكام المادة 19 من القانون رقم 12.19

تحرير من طرف فاطمة الزهراء العوني
في 17/11/2019 على الساعة 18:45