إنها خطة يقودها بشكل شبه رسمي من أجل الدفاع عن ملف بوعشرين وتدويل ملف هذا الشخص المتهم بالاغتصاب ومحاولة الاغتصاب والاتجار في البشر. هناك ثلاثة أشخاص يحاولون إخراج هذا الملف من إطاره الجنائي وإدراجه في خانة الملفات المتعلقة بالحريات، بما في ذلك حرية التعبير.
ويتعلق الأمر بكل من المحامي البريطاني رودني ديكسون، مستشار بوعشرين، وزوجة هذا الأخير، والمستشار الإعلامية ألبان رو ش د يبرون التي تشتغل لصالح الوكالة الفرنسية Global Comms A2R. هذا الثلاثي، بحسب ما عملته Le360، يحظى بدعم بعض الجهات التي تعمل على الإساءة إلى صورة المغرب.
ويهدف هذا "المخطط" إلى استغلال صحف عالمية معروف بمصداقيتها من أجل إعطاء صدى دولي لهذا الملف. و"ضحايا" هذا المخطط الصحيفة البريطانية الشهيرة غارديان والصحيفة الأمريكية ذائعة الصيت واشنطن بوست وكذا وكالة فرانس بريس، بحسب ما أكدته مصادرنا.
وقد علمنا أن سفارة المغرب بلندن تلقى يوم الجمعة 14 يونيو استمارة (وهي في الحقيقة لائحة اتهام) موقعة من نيك هوبكينس، والمعروف بأنه من أحسن الصحفيين بغارديان.
فالأسئلة المتضمنة في هذه الوثيقة تؤكد الطابع غير المحايد. ومن بينها على سبيل "ما موقف الحكومة المغربية اتجاه مجلس حقوق الإنسان الأممي الذي أدان الاتهامات الموجهة ضد بوعشرين؟".
غير أن هذا الصحفي الذي تكون على الصرامة التي تتميز بها الصحافة الأنجلوساكسونية، تناسى أن يوضح في أسئلته أن الأمر لا يتعلق بالمجلس نفسه، بل بأحد هيئاته أي فريق العمل حول الاعتقال التعسفي. هذا الخلط، حتى وإن كان غير متعمدا، فإنه يؤكد بأنه نيك هوبكينز كان غير مطلع بشكل جيد على الملف. فهذا الفريق الأممي، الذي رفع له ضحايا بوعشرين ملتمسا، اتخذ موقفا مغايرا لموقف الأول وتضامن مع ضحايا مع مدير هذه الصحيفة المتهم بالاغتصاب.
سؤال آخر لهذا الصحفي الألمعي: "هل فعلا تلقت الحكومة المغربية شكاية من طرف العربية السعودية ضد بوعشرين قبل اعتقاله وما هو ردها؟". وهنا يردد نيك هوبكينز الأطروحة الخيالية التي ترددها الثلاثي الذي يدافعون عن بوعشرين. فهرلاء يحاولون أن يقيموا ارتباطا بين ملف بوعشرين المتهم بالاغتصاب وملف جمال قاشجقجي، الصحفي السعودي الذي قتل بدم بارد بسبب أرائه.
والأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل إن صحفي الغارديان ذهب بعيدا وذكر أقوال لمحامي مدير أخبار اليوم والتي تدعي بأن هذا الأخير تلقى تحذيرات من قاشقجي. وهكذا، فإن جمال قاشقجي، بحسب هؤلاء المحامين، اتصل هاتفيا بتوفيق بوعشرين وأكد له بأن حياته في خطر، بسبب "انتقاداته" للعربية السعودية. والأكثر من ذلك، فإن الرسائل التي أرسلت عبر الهاتف "تشير إلى مكان تواجد بوعشرين في عدة حالات وتشير إلى أن هذا الأخير لم يكن في مكان الأفعال التي نسبت إليه". وهذه الأدلة التي تبرئ بوعشرين، يضيف نيك هوبكينز، "مازالت مسجلة بهاتف بوعشرين والتي لا ترغب السلطات المغربية أن يطلع طرف آخر محايد".
هذه التصريحات السريالية إلى درجة أن أماكن تبادل الرسائل لا تحددها الهواتف ولكن شركات الاتصالات. وهناك شيء آخر، فالهاتف الذي يتحدث عنه الصحفي هو بيد العدالة والملف هو مرحلة الاستئناف في محكمة مستقلة لبلد ذو سيادة.
إن هذا الصحفي يخطئ بشكل كبير ويطعن بالتالي ضحايا بوعشرين عندما يطرح سؤالا على الحكومة بخصوص ما "إذا لم تتضايق من انسحاب بعض المشتكيات، اللواتي كن مكرهات في البداية على تقديم شكاية ضد بوعشرين واللواتي تم استبعادهن وحبسهن". بطبيعة الحال، نيك هوبكيبز لم يتحقق من معلوماته، ولم بوضح بأن هناك مشتكية وحيدة تراجعت عن شكايتها.
ويتعلق الأمر بعفاف برناني التي قضت ستة أشهر في السجن لكنها صرحت بأنه محضر الشرطة كان مزورا. كما أن مقطعا من فيديو التحقيق معها من طرف الشرطة ناقض تصريحاته وأكد صحة تصريحات الأولى.
أما المشتكيات الأخرياتن اللواتي تعرضن لأبشع الجرائم من طرف المتهم والذين قام بتصوريهن تحولن من مشتكيات إلى شريكات في مؤامرة من أجل الإطاحة بهذا المدير.
هناك حقيقة لا مراء فيها هو أن نيك هوبكينز تم التلاعب به من طرف المستشار القانوني رودني ديكسون والمستشارة في اللعلاقات العامة ألبان دير وش برين اللذين تقاضوا أموالا من أجل إيهام الرأي العام والدفاع عن قضية زبونهم الخاسرة وتحويل مغتصب إلى بطل ولا يهم شرف ثمانية ضحايا على الأقل. ويجب الإشارة إلى أن أي سؤال من الأسئلة التي طرحها نيك هوبكينز لم يأخذ بعين الاعتبار شرف الضحايا وسمعتهن. ولم يكلف نفسه لحظة أن يتحقق من صدقية الرواية التي أعطيت له.
إن مهندسي هذا المخطط، الذين يستحقون الثناء على مقدرتهم، يحاولون اليوم أن يخرجوا قضية من إطارها الجنائي المحض. فقد استطاعوا أن يثيروا اهتمام صحف مثل واشنطن بوست التي كان ينشر بها الراحل جمال خاشقجي مقالاته، والتي تدافع عن قضية هذا الصحفي السعودي. إن الأمر في الحقيقة بسيناريو محكم.
ولكن هل سينجح هذا المخطط؟ لا أعتقد ذلك. هذا التطور قد يشكل صدمة آخرى بالنسبة لضحايا توفيق بوعشرين. اللهم إلا إذا تذكرت المدرسة الأنجلوساكسونية مبادئ الصرامة المعهودة بها خدمة للوقائع...