قيادة نساء مراكش للدراجات النارية ليست حديثة العهد، بل ترجع إلى عقود ماضية، فحسب الباحث عبد الصمد الكباص، فإن الأمر يتعلق بـ"تأثير تاريخ تواصل لأزيد من 60 سنة أصبح فيه ركوب النساء للدراجات في المدينة الحمراء عادة مألوفة لا تثير أدنى دهشة".
خلال عهد الحماية الفرنسية ما بين 1912 و1956، كان بعض النسوة اللائي يشتغلن في بيوت المستعمرين يستعملن الدراجات للتنقل من عمق المدينة العتيقة إلى الحي الفرنسي الذي شيدته سلطات الحماية في منطقة غليز، مشيرا إلى أن أولئك النسوة كنّ مميزات بجلابيبهن الفضفاضة المتوجة بغطاء للرأس يسمى "القبّ".
وبعد تلك الفترة، أصبحت التلميذات وبعض الموظفات لدى الدولة يتجاسرن على ركوب الدراجة، من دون أن يثير ذلك انزعاج أو اندهاش أحد من السكان، بل كان الآباء يسارعون إلى اقتناء دراجات لبناتهم لضمان وسيلة نقل آمنة لهن.
وتقود المرأة دراجة نارية "تعامل بشكل عادي مثلها مثل الرجل"، ولا تتعرض لمضايقات إذ لا ينظر لاعتمادها على هذه الوسيلة للتنقل على أنه أمر غريب.
وترجع النظرة الإيجابية التي يوليها المراكشيون لركوب النساء للدراجات النارية بمختلف أشكالها وأحجامها، إلى عاملين أساسيين، أولهما قدرة نساء المدينة على فرض شخصيتهن ومكانتهن داخل النسيج المراكشي، وثانيهما اقتناع أقاربهن من الذكور بالقيمة المضافة التي تمثلها الدراجة ودورها في حياة الأفراد والأسر سواء عند التنقل للعمل أو لقضاء أغراض العائلة خارج البيت.
واليوم ما من بيت في مراكش يخلو من دراجة هوائية أو نارية واحدة على الأقل، فعددها يقدر بأكثر من 200 ألف دراجة نارية التي يطلق عليها المراكشيون اسم "الموتور" وأكثر من 50 ألف دراجة هوائية التي تعرف محليا بـ"البيكشليت"، وفق أرقام رسمية حديثة.
وتشمل شعبية الدراجات بشتى أحجامها وأشكالها بين المراكشيين مختلف طبقات المجتمع وأعمار أفراده، فانبساط المدينة وهدوء وسلاسة دروبها وأزقتها، ساهم في انسجام تام بين ركاب الدراجات النارية والهوائية مع معمار وروح المدينة الحمراء.