وقبل ما يقارب شهرين من الآن، انتشر مقطع فيديو لشاب مثلي ينحذر من منطقة "أولاد برحيل"، إقليم تارودانت، بدا وهو يحكي قصة تعرضه للاغتصاب على يد أخيه الأكبر منه وخروجه إلى عالم "المثلية الجنسية"، ثم إصابته بمرض السيدا، فكان تأثر المغاربة بسماع تلك القصة كبير جدا، ما جعل فئة واسعة من المواطنين يتضامنون ماديا ومعنويا مع الشاب المدعو "ه.م"، قبل أن يظهر هذا الأخير في فيديو جديد، قبل 5 أيام، وهو ينفي إصابته بالسيدا، مؤكدا أن ما قاله في المقطع الأول كان مجرد "كذب".
ومنذ انتشار هذه القضية عبر "السوشل ميديا"، بدأ مواطنون يتساءلون عن ما إذا كان تفاعل المغاربة مع الحالات الإنسانية وقضايا المجتمع هو تفاعل يحكمه العقل أم العاطفة.
وحول هذا الموضوع، قال الدكتور والخبير النفسي، جواد مبروكي، في اتصال بـ "Le360": "إن المغربي يتصرف أحيانا بطريقة يغيب عنها العقل، لأن انفعالاته العاطفية تسيطر عليه، وهذا راجع الى معيقات في التربية المغربية والأسباب في ذلك كثيرة".
وأضاف مبروكي: "أول الأسباب يتجلى في أن المغربي يفتقد للفكر النقدي، بمعنى أن التربية المغربية بالمنزل لا تسمح للطفل بالتساؤل بشكل تلقائي. ويكون الجواب دائما "حشم وسكت"، لذلك يصبح غير قادر على التفكير نقديا، وإن فكر فلن يكون قادرا على التصريح بما يجول في خاطره لأن الأمر "حشومة"."
وأردف الدكتور جواد: "السبب الثاني يكمن في أن المغربي يؤمن بالخرافات، مثلا إذا فعلت هذا فسيقع لك سوء، أو إذا لم تساعد من في هو حاجة ربما تقع في نفس الموقف فلا تجد من يساعدك، كأنه يخاف من انتقام السماء، فيساعد الآخر خوفا وليس اقتناعا بمنطقه العقلاني".
وتابع الأخصائي النفسي: "السبب الثالث يتمثل في كون المغربي يعاني من الإحساس بالذنب، أي أن التربية المغربية مبنية على التهديد، فنسمع الآباء يقولون "إلى مطعتيش الله غادي يخرجو فيك الذنوب" أو "إلى مدرتيش الخير غادي يخرجو فيك الذنوب"، ولهذا نجد المواطن يساعد الأخر لأنه سيشعر بالذنب إذا لم يساعده، وهنا تكون المساعدة مدفوعة بالعاطفة والخوف".
واختتم الدكتور جواد مبروكي قائلا: "أما السبب الرابع والأخير فهو العطف والشفقة، وهو عبارة عن عدم نضج عاطفي، لأن التربية المغربية عنيفة جدا ولا تترك المجال للطفل ليتعلم تحمل المسؤولية، بل تتعامل معه كأنه طفل صغير لا يفقه في شيء وليست له قدرات، كما أن تلك التربية لا تشبع الطفل حنانا بشدة قساوتها، فتكون النتيجة هي أن المغربي يصبح غير مستقر عاطفيا ويبحث دائما عن الحنان، ولما يجد نفسه أمام ضحية سيساعده لأنه فقط يتخيل نفسه في نفس الوضعية ويحن ويشفق على نفسه، ولهذا يقدم المغربي المساعدة بدون اقتناع عقلاني".