وتنقلنا يومية الأخبار، إلى الماضي "حيث سبق لظاهرة "المتنبئين" أن انتشرت خلال حياة الرسول الكريم وبعد وفاته مباشرة، كمسيلمة الكذاب الذي بعث للنبي كتابا يقترح فيه " مناصفة الأرض" بين قريش واليمامة، والأسود العنسي الذي جاهر بدعوته في اليمن قبل وفاة النبي، وطليحة بن خويلد الذي ظهر في بني أسد، و سجاح ابنة الحارث التميمي شاعرة بني تغلب وغيرهم، وفي العهدين العباسي والأموي تفاقم الأمر أكثر وأكثر مما أغضب الخلفاء فأمروا عمالهم ورجال الشرطة بقتلهم بلا محاكمة".
وتضيف اليومية أن "الأمر تزداد تفاقما خلال العصر الوسيط حيث اتخذت ظاهرة انتحال النبوة أشكالا وابعادا يتداخل فيها الديني بالأسطوري بالسياسي كما هو الحال بالنسبة لديانة حاميم بالمغرب التي تناولها الدكتور مولود عشاق في كتابه "حركة المتنبئين بالمغرب الأقصى خلال العصر الوسيط".
واستنادا إلى اليومية ذاتها، "فبدل أن تخفت الظاهرة في عصرنا الحديث انتعشت وانتشرت بشكل ملحوظ خصوصا تحت يافطة المهدي المنتظر حيث ظهر في السودان محممد بن عبد الله الذي كان له تأثير كبير على أتباعه وعلى الاحتلال البريطاني أيضا".
هوس النبوة
قد تعود أساب انتشار هذه الظاهرة لحالات أو أعراض انفصامية مرضية او احتدامات روحامية أو تطلعات اجتماعية، دون إغفال ما قد يرتبط منها بأجندة سياسية أو دينية تهدف إلى زرع البلبلة وزععة الاستقرار الروحين غير أن المثير للانتباه هو أن هؤلاء الأدعياء المتنبيت في عصرنا الحديث لا يشكلون فقط مرحلة تحول نوعي لطبقة الدجالين أو نشوء أو ارتقاء لفئة المشعوذين بل طالت شريحة المتعلمين والمثقفين من جامعيين وأطباء ومهندسين، الذين تحول بعضهم إلى مثقفين برتبة "أنبياء"، دون أن ننسى أمراء الدم وأنبياء الجماعات الإرهابية المتطرفة الذين لبسوا عباءة "الرسالة" وتحولو إلى أنبياء جدد، يعيدون تشكيل الزمن والعالم والناس وفق أهوائهم وتأويلاتهم التي تبدأ بغسل دماغ الأتباع وةتنتهي بتدمير الآخر.