وتقول المساء في ملفها "إذا كان من اليسير جدا تبين مخاوف المغاربة في صراعهم الأزلي مع تكوين العائلة وتنشئة الأبناء وضمان العيش الكريم، فإن الصعوبة تكمن في تحديد هذا الخوف وتفسير أسبابه، وتكمن أيضا في عرفة التغيرات التي تطرأ على نوازع الخوف، ذلك أن المواطن الذي كان يخشى المخزن في فترة بعينها لم تعد تهمه العصا الغليظة التي أصبحت أكثر نعومة مما مضى بقدر ما يهمه المعيش اليومي ومدى قدرته على توفير مستلزمات الحياة".
ووصفت الجريدة "المخزن" بالسلطة التي تتجدد ولا تتغير، و أن "المفهوم التصق بأذهان المغاربة وامتزجت الأسطورة بالواقع والحقيقة بالخيال، ليتحول المخزن في نهاية المطاف إلى "بعبع" مخيف يفزع الجميع".
كما استشهد ملف المساء بكتابات عبد الله العروي، من كتابه "السنة والإصلاح" الذي أكد أن "الذاكرة في نهاية المطاف تشويش على الزمن، وهذا بالضبط ما يجعل المخزن في المغرب مخيفا يبعث عن الوجل ليس في نفوس كل المغاربة لكن في نفوس بعضهم على الأقل".
كما رصد الملف، باقي الأمور التي نخيف المغاربة، منها قبر الحياة، أي السكن مخافة التشرد، حيث أصبح حلم جميع العائلات المغربية في اللحظة الراهنة شراء سكن يحفظ كرامة الحياة ويقي العائلات من التشرد، يضاف إلى هذا الخةف، الصحة والتعليم اللذان يعتبرا خوفان لكارثة واحدة، إلى جانب الأمن الذي يعتبر بمثابة الخوف الداهم، ثم الجوع.
الخوف من الخوف
لا بد من القول إن الدراسات السوسيولوجية الخاصة بهواجس المغاربة هي شبه منعدمة، كما أنه على العموم فمصادر الخوف عبر تاريخ المغرب ظلت هي نفسها على مر السنون، لكن مع ذلك قل الخوف من "المخزن" بل بدأ المغاربة يميزون بين "المخزن" الوحيد الذي تمثله المؤسسة الملكية، وبين موظفي المخزن الذين لا يمثلونه بالضرورة في سلوكياتهم.
الخوف هو أحد الأحاسيس الطبيعية التي تمر بالبشر وهو شعور قوي ومزعج، وطبعا فإن المغاربة شأنهم في ذلك شأن جميع شعوب الأرض، تأثروا في الخوف بعوامل بيئية وتجارب تاريخية معينة.
كما أن طرح سؤال الأمن الاجتماعي كفيل بإبراز درجة التخوف التي يمكن أن تلم بالمواطن، ما يطرح السؤال: هل يمكن للتعليم والصحة مثلا في بلادنا في هذه المرحلة تشكيل نفسية متزنة وبعيدة عن الخوف والترقب والتوتر في مجتمع تطغى فيه الفوارق الاجتماعية؟