في الكتاب الجديد الصادر ضمن منشورات « الفاصلة » يرى دريوش أنه « لا يمكن للقارئ بعد هذا السفر بين تضاريس المشهد السياسي الإسباني إلاّ أنْ يدرك أنّ إسبانيا باتت مختلفة تماماً عن إسبانيا الأمس التي حكمها فليبي غونزاليث أو خوسي ماريا أثنار أو حتى لويس رودريغيث ثباتيرو، فالأزمة الاقتصادية وما تولدت عنها من تداعيات اجتماعية وسياسية غيرت الخريطة السياسية للأبد. خلقت هذه التحولات واقعاً سياسياً جديداً بالبلاد، تمثل في تشرذم المشهد السياسي الذي أدى عدّة مرات إلى إعادة الانتخابات، لتجنب الارتطام بالحائط والخروج من النفق ».
ويعتبر الباحث أنّ إسبانيا الآن « لم تعد كالأمس القريب، فقد باتت مختلفة تماما، وغطّت سماءها نفس أجواء الحرب الأهلية الثانية، وهي مجبرة اليوم على القيام بتوافقات جديدة بين الأحزاب السياسية التقليدية، وما تبقى من الأحزاب الجديدة في المشهد، ونسج توافقات أخرى بين الدولة المركزية وكاتالونيا الجريحة، لإنشاء أرضية جديدة للتعايش وللحفاظ على الوحدة الترابية للبلاد. سيستمر الخلاف حول ماهية إسبانيا، وسيتواصل النقاش الحاد حول كيف يجب أنْ تكون، لأن هذا الأمر بات جزءاً من طبيعة إسبانيا نفسها منذ عقود خلت. لكن يجب أن ننتبه إلى أن هذا الخلاف لم يعد للبنادق فيه رأي، بل بات يدبّر اليوم عبر لعبة القانون، ومتاهات صناديق الاقتراع وبنود الدستور ومنبر البرلمان وفي استوديوهات وسائل الإعلام وفي الساحات العامّة ».