تلك عوامل تشكل نقطة البداية في حلقة الفشل، أما أكبر مؤشرات الإفلاس فيتجلى في الانهيار القيمي والأخلاقي والمجتمعي، حيث يسود الدجالون والنصابون والمدعون لوهم امتلاك الحقيقة وجالبوا الحظ وطاردوا مساوئ العين الشريرة والقدرة على إبطال السحر والتغلب على الخصوم، بل تنبري للترويج لهذه التفاهات أقلام مأجورة ورقاة محتالون ومعلقون رياضيون نصابون مثل جيراننا شافاهم الله حيث يوهمون الشعب المغلوب على أمره أنهم يتعرضون للمؤامرة من طرف عدو هلامي وأن سبب انهزام فريقهم الوطني لكرة القدم وانهياره أنه يتعرض للجوسسة والكولسة جراء مساندتهم لقوى النضال العالمية وأنهم مستهدفون من طرف «الكاف» و«الفيفا» و«الأمم المتحدة» و«الكائنات الفضائية» والعديد من الترهات بل لقد انخرطت وكالة أنبائهم الرسمية في نشر هذه التفاهات، حيث ادعت تعرض فريقهم في كرة القدم لسحر وعين وتنويم ميغاطيسي في محاولة لاستبلاد الشعب الشقيق الذي يتوق إلى لحظة فرح تنسيه مرارة الأزمة والطوابير.
لقد انخرط الجميع في خطاب تضليلي يوهم أن هناك مؤامرة إقليمية ودولية تحاك ضد القوة الضاربة بل وحتى من البنك الدولي والمنظمات الدولية وأن أسباب تردي أرضية الملاعب وندرة السلع وانسداد الأفق وكل الاخفاقات السياسية والديبلوماسية مردها الى الجار الذي تحالف مع قوى طبيعية وأخرى لامرئية من أجل النيل من دولة القوة الضاربة وذاك هو العبث بعينه!
نعم لقد اتخذوا طيلة الثلاث سنوات الماضية من نتائج المنتخب الجزائري الشقيق وسيلة للتخدير وضرب الحراك وإلهاء الشعب عن مطالبه العادلة في العيش الكريم ووسيلة للبحث عن الشرعية الضائعة، لكن مطالبهم من الفريق لم تتوقف، بل بتنا نصبح على بيانات عسكرية ورئاسية عقب كل مقابلة، حيث حول ماسكوا قصر المرادية كرة القدم إلى وسيلة للإلهاء والاستخفاف بإخوتنا في الجزائر.
إن المنتخب الجزائري الشقيق، والذي نكن له كل الحب والاحترام والتقدير، حيث يختلط الدم والعرق والتاريخ المشترك، والذي لطالما تغنينا بانتصاراته تعرض لضغط نفسي رهيب ظهر باديا على محيا مدربه ولاعبيه مما أفقدهم لضرورة التركيز، حيث صوروا لهم أن مقابلة بسيطة في كرة القدم ترتهن إلى الروح الرياضية واللعب النظيف، قد أصبحت مسألة حياة وموت وأنها أم المعارك وأن أرواح الشهداء معلقة على هذا النصر... و.. والكثير من التفاهات التي جعلتهم مسخرة للعالمين.. وأن الجنرال بلماضي «وزير السعادة»، والذي بالمناسبة نكن له كل التقدير ونفخر به كإطار تدريبي من العيار الثقيل، مطالب هو وكتيبته برفع التحدي في ساحة الوغى بملاعب ساحل العاج، وجندوا لذلك رقاة محتالين رشوا الماء المرقى على جنبات الملعب موهمين الجماهير البئيسة بالفتح المبين!
لكن، ويا للأسف، تعرض الخضر للهزيمة جراء ضغط رهيب... كنا نمني النفس أن ينتصروا وأن يعيدوا البسمة إلى الشعب المغلوب على أمره ففي فوزهم فوزنا وفرحنا المغاربي الكبير، لكن الكابرانات أفسدوا فرحتنا جميعا بل تمنوا جهارا الخسران لفريقنا الوطني، ولعلمهم أن التاريخ من الشاهدين.