الصحراء: من مشروع التقسيم الاستعماري إلى تكريس مخطط الحكم الذاتي المغربي (1966-2025)

الجيلالي العدناني

في 19/10/2025 على الساعة 20:15

مقال رأيمن مؤتمر أديس أبابا عام 1966 إلى قرار مجلس الأمن عام 2025، لا تزال الصحراء مسرحا لتحول دبلوماسي ملفت. فالدول التي سعت سابقا إلى تقسيمها -الجزائر وموريتانيا، بدعم من إسبانيا في محاولة لإضعاف المطالب المغربية- تجد نفسها الآن، تحت رعاية الأمم المتحدة، مشاركة أو مجبرة على تطبيق مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب. يظهر هذا المسار التاريخي استمرارية المنافسات وانتقام الشرعية.

موريتانيا، التي تخلت عن جميع مطالبها بالصحراء منذ 5 غشت 1979، والجزائر، التي لم تكف منذ عام 1975 على التأكيد على «عدم وجود أطماع ترابية لديها» في الصحراء، مدعوتان من الآن فصاعدا إلى الانسحاب من دائرة ورثة اللعبة الاستعمارية والعمل على تطبيق مخطط الحكم الذاتي. وكما قال الراحل الحسن الثاني في خطابه الذي أعلن فيه المسيرة الخضراء في 16 أكتوبر 1975: «جاء الحق وزهق الباطل».

الدول الاستعمارية عرابة فكرة التقسيم

فرنسا وإسبانيا، أكثر من أي أحد آخر، يعرفان الحقيقة التاريخية: فأرشيفاتهما تشهد على أن الصحراء لم تكن يوما أرضا خلاء. هذا المفهوم (الأرض الخلاء)، الذي صاغه القانون الاستعماري الأوروبي، لا يعكس بأي حال من الأحوال الواقع على الأرض.

قبل دخولهما المنطقة بوقت طويل، اكتشفت القوتان وجود إدارة سلطانية منظمة، تمتد إلى الصحراء الشرقية والغربية، يمارسها المخزن من خلال قياده وخلفائه وممثليه الدينيين. كان من الممكن أن يغلق استخدام إسبانيا للنظام السلطاني في الصحراء عام 1975 الملف، كما يتضح من الأرشيفات التي تم الكشف عن الكثير منها.

تظهر هذه الأرشيفات كيف اقتسمت فرنسا وإسبانيا الصحراء المغربية بين عامي 1900 و1912، وكيف مهدت الطريق للدول المجاورة لتبني فكرة التقسيم مجددا. وهكذا، لم تكن إسبانيا، من خلال اقتراح مخطط التقسيم على موريتانيا والجزائر، تهدف في حقيقة الأمر إلى إقصاء المغرب ووضع قوانين جديدة تربط الصحراء مباشرة بمدريد تحت مسمى الصحراء الإسبانية، والتي اعتمدت رسميا في 12 يناير 1958. بعد بضع سنوات، ولإضعاف الموقف المغربي، فصلت إسبانيا إفني عن الصحراء بموجب قانون 19 أبريل 1961. كان هذا بمثابة بداية سياسة الاستيعاب، حيث أصبحت الصحراء مقاطعة تدار من مدريد. ولكن تظهر الخرائط السرية أن حتى وادي الذهب نفسه، المحتل منذ عام 1884، قد شكل محمية إسبانية. وتعرف إسبانيا منذ ذلك التاريخ لمن تنتمي هذه الأراضي!

ومن خلال الاعتراف بالسيادة المغربية اليوم، فإن باريس ومدريد تعودان فقط إلى الحقيقة التاريخية التي سجلاها بنفسهما في أرشيفهما: حقيقة أن المنطقة كانت تشكل جزءً لا يتجزأ من الفضاء السياسي للمغرب قبل الحقبة الاستعمارية بوقت طويل. تشكل أرشيفاتهما اليوم دعما قويا للحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية يوم 16 أكتوبر 1975.

1966-1969: جذور فكرة «تقسيم الصحراء»

تكشف الأرشيفات الفرنسية لجهاز التوثيق الخارجي ومكافحة التجسس أنه بين عامي 1966 و1969، أعدت ثلاث دول -الجزائر وموريتانيا وإسبانيا- سرا خطة لتقسيم الصحراء «الإسبانية»، على حساب المغرب. بقيادة الرئيس الموريتاني المختار ولد داداه، وبمشاركة الجزائر، اقترحت هذه الخطة أن يرسم وادي الساقية الحمراء الحدود بين المغرب وموريتانيا، بينما يعود جنوب شرق الإقليم (باتجاه تندوف) إلى الجزائر. كانت هذه المناورات جزءً من استراتيجية احتواء: عزل المغرب عن امتداداته الصحراوية، وتحييد دوره التاريخي كحلقة وصل عبر الصحراء، وإنشاء مثلث نفوذ بين الجزائر ونواكشوط ومدريد. إسبانيا، التي كانت تدرك قرب انهيار إمبراطوريتها، حاولت تحويل هذا التنافس الإقليمي إلى ورقة ضغط للحفاظ على مصالحها المعدنية والاستراتيجية. وهكذا، أصبحت الصحراء أداة لإعادة تشكل المغرب الكبير ما بعد الاستعمار، قبل وقت طويل من خلق جبهة البوليساريو.

أديس أبابا 1966: الجزائر تطالب بـ«منفذ» على المحيط الأطلسي وتدعم الوجود الإسباني

في مؤتمر منظمة الوحدة الإفريقية عام 1966، صاغ المندوب الجزائري مطلبين وصفهما جهاز التوثيق الخارجي ومكافحة التجسس بالجريئين والمعبرين: أولا، إبقاء الصحراء تحت الإدارة الإسبانية، الذي اعتبر «أفضل من استقلال وهمي». وثانيا، حق الجزائر في الوصول المباشر إلى المحيط الأطلسي. مثلت هذه المواقف، على النقيض من الخطاب المناهض للاستعمار الذي تبنته الجزائر على محافل أخرى، تحولا عقائديا: لم تعد الصحراء مجرد مسألة إنهاء استعمار، بل أصبحت قضية إسقاط جيوستراتيجي. سعى بومدين، بعد استحواذه على السلطة، إلى تحويل الجزائر إلى قوة صحراوية وأطلسية. ولتحقيق ذلك، كان لا بد من منع المغرب من إعادة بناء ممره التاريخي إلى منطقة الساحل. لذلك، تحالفت الجزائر ضمنيا مع إسبانيا، ثم مع موريتانيا، للحفاظ على الوضع الاستعماري في الصحراء، حتى تتمكن من بناء نفوذ دائم على الساحة الإفريقية. تفسر هذه اللحظة التأسيسية استمرار رفض الجزائر الاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء حتى يومنا هذا.

الجزائر تدعم التقسيم مع تركيز أنظارها على كامل الإقليم

مع دعمها استمرار الإدارة الإسبانية، تؤكد وثيقة جهاز التوثيق الخارجي ومكافحة التجسس على التفاهم الموريتاني الجزائري بشأن تقسيم الصحراء:

«وفقا لمحيط الرئيس المختار ولد داداه، التزمت إسبانيا بالتنازل عن سيادتها على جميع أراضيها في الصحراء، بشرط اعتراف الرباط بحكومة نواكشوط. وبالاتفاق مع الجزائر، اقترح الرئيس المختار حلين بإمكانهما أن يحلا مسألة تقسيم الأراضي المعنية:

- في أحسن الأحوال، كان يرغب أن يرسم وادي الساقية الحمراء الحدود بين المغرب وموريتانيا. -يمنح جنوب-شرق هذه المنطقة والحدود الشمالية الشرقية لموريتانيا للجزائر» (1).

وتؤكد وثائق أخرى صادرة عن هذا الجهاز بتاريخ 2 دجنبر 1969 رغبة «الجزائر في أن تكون مشاركة بشكل وثيق في المفاوضات، لأنها تعتقد أنها ستحصل على تعديل الحدود شمال وغرب تندوف، لصالحها وعلى حساب المغرب».

كما سارعت إسبانيا، المطمئنة إلى الدعم الجزائري أمام المطالب المغربية، إلى المطالبة بالسيادة على كامل الأراضي الصحراوية، وضمها مباشرة إلى مدريد.

أما بالنسبة للجزائر، فقد شكّل توقيع معاهدة الحدود لعام 1972 مع المغرب نقطة تحول استراتيجية. وحرصا منها على ترسيخ سيطرتها على تندوف وبشار، سعت الجزائر فورا إلى توسيع نفوذها جنوبا مستغلة قضية «تقرير المصير». وبحجة الدفاع عن مبدأ أممي، تبنت الجزائر تكتيكا دبلوماسيا يهدف إلى التشكيك في السيادة المغربية على الصحراء، معتمدة على دميتها، جبهة البوليساريو، التي خلقت ومولت لهذا الغرض.

وهكذا، شكل الدور الذي لعبته الجزائر، المتحالفة مع إسبانيا الاستعمارية في ستينيات القرن الماضي، نقطة انطلاق لاستراتيجيتها الجديدة: تقديم نفسها كمناهض الاستعمار، بينما انتهجت في الواقع سياسة التوسع الترابي والنفوذ الإقليمي الموروثة عن منطق التقسيم بين عامي 1966 و1969. كان عام 1975، الذي شهد انطلاق المسيرة الخضراء، بمثابة تذكير تاريخي للجزائر بضرورة الحفاظ على دورها كمراقب، وهو الدور الذي منحها إياه وضعها الأولي في قضية الصحراء بين عامي 1963 و1966.

في ذلك الوقت، كانت الجزائر تحظى باعتراف الهيئات الإفريقية والدولية كطرف معني فحسب، وليس كطرف رئيسي في النزاع. وبابتعادها عن هذا الموقف الحيادي لتصبح طرفا معنيا، كسرت الجزائر التوازن الذي نشأ بعد حرب الرمال والنقاشات التحضيرية داخل منظمة الوحدة الإفريقية.

المخاوف الإسبانية بشأن مثلث الرباط-نواكشوط-الجزائر

يصف تقرير جهاز التوثيق الخارجي ومكافحة التجسس الصادر بتاريخ 17 أكتوبر 1969 أجواء انعدام الثقة المتزايدة في مدريد عقب الاجتماع الثلاثي بين الحسن الثاني وولد داداه وبومدين. خشي الدبلوماسيون الإسبان من تطويق استراتيجي للصحراء، ومن زعزعة تدريجية لسيطرتهم من خلال «الضغط على الحدود» و«توغلات عناصر غير مسيطر عليها». كانت مدريد، المدركة لتطور موازين القوى الإقليمية، تعرف أن تعزيز الجبهة المغاربية يشكل تهديدا مباشرا لموقفها في الصحراء. وأشار دبلوماسيون فرنسيون إلى قلق إسبانيا إزاء التعنت المغربي المستمر بشأن استعادة الإقليم، إلى جانب تنامي الطموحات الموريتانية التي تشجعها الجزائر. وهكذا، منذ عام 1969، توقعت أجهزة الاستخبارات الفرنسية «مرحلة عصيبة» بين إسبانيا وجيرانها المغاربيين، كإرهاص للتوترات الدبلوماسية والعسكرية التي ستتوج بتوقيع اتفاقيات مدريد (1975).

توقعت هذه الوثائق المعركة الدبلوماسية والجيوسياسية التي ستقع في سبعينيات القرن الماضي حول مبدأ «تقرير المصير»، الذي استخدمته الجزائر لمواجهة مطالب المغرب التاريخية ودعم نظام ما بعد الاستعمار الموروث عن الوجود الإسباني.

تجاهلت الأمم المتحدة العمق التاريخي الكامن في موقف المغرب، في حين كانت أطماع الجزائريين، كما كان متوقعا، تنتظر فرصة للتدخل. باختراعها تصنيفات «الأطراف المهتمة» و«الأطراف المعنية»، منحت المنظمة الجزائر حق التدخل، مما حول قضية إنهاء الاستعمار إلى مجال للتدخل الإقليمي. أصبحت حركة رمال الصحراء أكثر خطورة: فنحن ندفع اليوم ثمن معركة كانت متوقعة أن تدوم طويلا، وستستمر، للأسف الشديد، لعقود.

2025: من التنافس إلى المسؤولية المشتركة، الأمم المتحدة تكرس الحكم الذاتي المغربي

بعد مرور ما يقرب من ستين عاما، يمثل مشروع قرار مجلس الأمن الصادر في أكتوبر 2025 تحولا تاريخيا غير مسبوق. يجدد النص تأكيد دعم الأمين العام ومبعوثه الشخصي، ستيفان دي ميستورا، مع تحديد المغرب وموريتانيا والجزائر صراحة كأطراف في التسوية السياسية. ومن مكر التاريخ أن هاتين الدولتين الأخيرتين، اللتين سعتا سابقا إلى تقسيم الصحراء، مطالبتان من الآن فصاعدا بضمان تطبيق مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب عام 2007. يصف القرار هذا المخطط بأنه «جاد، وذو مصداقية، وواقعي»، ويعتبره «الأساس الأكثر مصداقية لحل عادل ودائم».

ويؤكد القرار أن الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يشكل الحل الأكثر واقعية، مع الحفاظ على مبدأ تقرير المصير، ليس بالمعنى المؤدي إلى الانفصال، بل بالمعنى المؤدي إلى الحكم الذاتي في إطار الدولة المغربية. يعكس هذا التطور التحول في مقاربة الأمم المتحدة: من المنطق الاستعماري للتقسيم إلى المنطق السياسي للتسوية، ومن التنافس الأيديولوجي إلى المسؤولية الإقليمية المشتركة. وهكذا، يرسي نص عام 2025 اعترافا ضمنيا بأهمية المغرب في استقرار المنطقة المغاربية وغرب إفريقيا.

التحول التاريخي في الصحراء

من أديس أبابا عام 1966 إلى الأمم المتحدة عام 2025، يبرز انسجام جيوسياسي: تبقى الصحراء الفضاء الذي تتجلى فيه ديمومة الطموحات وتغير موازين القوى. ما كان في ستينيات القرن الماضي ساحة للتقسيم الاستعماري، أصبح في القرن الحادي والعشرين مختبرا للاندماج الإقليمي، تحت مسؤولية أولئك الذين عارضوا، في الماضي، وحدته. المغرب، باقتراحه نموذجا للحكم الذاتي، يحول أزمة الإرث الاستعماري إلى مشروع سيادة مشترك، ويعيد للتاريخ معناه.

يبدو أن عهد التقسيم، الذي اقترحه هواري بومدين بين عامي 1966 و1969، ثم أعاد إحياءه عبد العزيز بوتفليقة عام 2002 من خلال محاولاته إثارة قضية الحدود وإعادة تدويل قضية الصحراء، قد ولى إلى غير رجعة. لقد حسم التاريخ الأمر: منطق التقسيم الموروث عن فترة الاستعمار يفسح المجال لدينامية الاندماج الإقليمي، المدعومة بالاعتراف المتزايد بمقترح الحكم الذاتي المغربي كإطار وحيد وواقعي ودائم لحل النزاع. (اقرأ مقال مصطفى السحيمي).

(1) الأرشيف الدبلوماسي لكورنوف، مصلحة الاتصال مع الجزائر، صندوق 49.

تحرير من طرف الجيلالي العدناني
في 19/10/2025 على الساعة 20:15