وقد سيّر هذا اللقاء العلمي الأستاذ عبد اللطيف بكور، وأطّره الأستاذ محمد بنطلحة الدكالي، مدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث، الذي استهله بالحديت عن روح المسيرة الخضراء باعتبارها روحا متجددة قائمة على البدل والعطاء والإيمان بمغرب قوي اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا، لأن قيمها تجسد صلب الهوية المغربية المفعمة بالروح الوطنية.
وهكذا، فقد أكد الأستاذ بنطلحة الدكالي على ضرورة استحضار مفهوم المواطنة الإيجابية، والتي هي مجموعة من القيم والمبادئ التي تؤثر في تكوين شخصية الفرد، المُنعكسة في سلوكه تجاه مجتمعه وتجاه وطنه، مما يؤدي إلى متانة الحس المشترك والوعي الجمعي الوطني، مذكرا الحاضرين بأن الوطن هو الحضن الآمن الذي نأوي إليه، والبيت الكبير الذي يجمعنا، وهو ليس شعارا نردده. إنه التزام صادق، حيث يصير الولاء للوطن والدفاع عنه شيئين مقدسين.
بنطلحة يُسيّر لقاءً حول «الترافع الوطني حول القضية الوطنية» بالكلية المتعددة التخصصات بآسفي. DR
وعند حديثه عن الترافع الأكاديمي، استحضر الأستاذ بنطلحة الدكالي دور الجامعة المغربية في الترافع عن قضية الصحراء المغربية، ومدى مساهمتها في رفع اللبس الحاصل في ضبط وتوظيف المفاهيم المستعملة، والتي قدمت فهما منطقيا وواقعيا لنصوص القانون الدولي، حيث إن الجامعة المغربية تمكنت من مراكمة مجموعة من الأبحاث والدراسات المتخصصة للتصدي للمغالطات والأوهام التي يروجها أعداء الوحدة الترابية، مؤكدا أن الجامعة المغربية منخرطة في نشر الوعي المعرفي الذي يبرهن على عدالة ومشروعية قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وانخراط الجامعة المغربية في تكوين الباحثين وتأهيلهم من أجل تشكيل جبهة ترافعية قادرة على الترافع في الأوساط الأكاديمية الأجنبية ودوائر التأثير في القرار السياسي والرأي العام الدولي بالعلم والقانون.
وعند حديث الأستاذ بنطلحة عن آليات الترافع، بيّن أن هذا الأخير علم وفن له أسسه، مذكرا الحضور بأنه يعتمد على مجموعة من المهارات والمعارف والتكوينات واللغات حتى يمكنك أن تكون مرافعا ناجحا، مع ضرورة إتقان فن الرد وحضور البديهة وقوة الشخصية وسعة الإدراك حتى لا يقع المترافع في أخطاء تاريخية أو قانونية، مضيفا أن الترافع هو الاحتكام إلى الشيء وتقديم الحجج والتبريرات اللازمة من أجل إقناع الطرف الآخر.
وقد أكد الأستاذ بنطلحة الدكالي على ضرورة تأسيس مشروع وطني قائم على ضرورة التكوين في ميدان الترافع من أجل الدفاع عن مشروعية وعدالة قضيتنا الوطنية وأن يكون هناك مشروع يعتمد على برنامج عمل من أجل رفع القدرات في مجال الترافع وامتلاك مجموعة من التقنيات والمهارات في ميدان الترافع. وقد حاول الأستاذ الدكالي أن يتطرق إلى عدد مهم من هذه الآليات.
وحذر الأستاذ بنطلحة من الترافع في الوقت الميت أو ما يسمى بخطأ التوقيت، حيث أن الترافع يجب أن يكون استباقيا وليس مجرد عمل إطفائي.
إن الترافع، يقول الأستاذ المؤطر، يعتمد على استراتيجية الفعل وليس على ردود الأفعال ضمن رؤية استشرافية ودراسات معمقة منفتحة على كل الاحتمالات والانعكاسات، مذكرا أن الديبلوماسية المغربية الواقعية والاستراتيجية تسير في هذا الاتجاه الإيجابي من أجل خدمة القضية الوطنية وفق رؤية استراتيجية سديدة رسمها ملك البلاد، مما أدى إلى انتصارات متتالية للقضية الوطنية آخرها، القرار 2703 الصادر عن مجلس الأمن الدولي والذي شكل صدمة لأعداء الوحدة الترابية، والذي أكد أن الحل النهائي لا يمكن أن يكون إلا حلا سياسيا وواقعيا وعمليا ودائما وقائما على التوافق.
وفي الختام ذكر المتحدث أن المغرب يسير بخطى واثقة إلى الأمام على غرار الخصوم الذين يراكمون الأخطاء المنافية للشرعية والقانون الدولي.
وقد تميز هذا اللقاء الأكاديمي، المفعم بالروح الوطنية، بمشاركة الحضور في نقاش مسؤول وبناء منتصر للقضية الوطنية، حيث انتهى اللقاء بالترديد الجماعي للنشيد الوطني.