وقد تم إصدار بلاغ مليئ بالخرافات والهلوسات، يدّعي أن «القوة الضاربة أصبحت في موضع يتسنى لها من خلاله مساهمة فعلية وفعالة في معالجة القضايا التي تشغل بال المنتظم الدولي»، وأنها «ستشكل قيمة مضافة داخل مجلس الأمن، وهي برصيدها ومكانتها إفريقيا ودوليا ستلعب دور الريادة»، كما توهم أن دولة الكراغلة «ستساهم في حل القضايا المطروحة في أجندة الأمم المتحدة لما تتمتع به من احترام وتقدير من خلال مواقفها المبدئية من أجل إشاعة وإحلال السلام...!!».
ولتخدير وتنويم الشعب الجزائري الشقيق المغلوب على أمره، خرج قصر المرادية ببيان دونكيشوتي كله خيالات وكذب وبهتان، حين أكد بالحرف أن «نهج الجزائر هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول»، بل إن عراب خارجيتهم المسمى أحمد عطاف ادعى بدون حياء أو خجل أن دولة الكراغلة «العظمى تسعى إلى السلم الإقليمي وإلى تعزيز مبدأ حسن الجوار». كلام متناقض يعكس الحالة المرضية المتقدمة لنظام يلعب على الحبلين، ويرتدي قناعين في سيرك السياسة، فالجزائر ترعى مشروعا إرهابيا ضد المملكة المغربية وتتخذ من عداوتها لها عقيدة عسكرية ثابثة، وفور ذهابها إلى المجتمع الدولي تتحدث بلغة الحياد والسعي إلى تحقيق السلم والأمن العالميين! قمة النفاق من أهل الشقاق.
وللعلم، فإنه بالإضافة إلى الجزائر، انتخبت كل من سيراليون وكوريا الجنوبية وغويانا وسلوفينيا، والمثير هو أن لا أحد من هذه الدول بدأ في التطبيل والتهريج وتدبيج الشعارات والنفخ في الأدوار والقدرات، حتى أن دولة سيراليون التي انتخبت لشغل المقعد الثاني في إفريقيا بنتيجة أفضل من الجزائر بأغلبية 188صوتا من أصل 193، لم تعطِ للموضوع أكبر من حجمه، ولم تعتبر ذلك انتزاعا وفتحا ديبلوماسيا لدولة السيراليون العظمى.
وحدهم الكراغلة الذين امتطوا صهوة حصان أعرج وخالوا أنفسهم من الفاتحين.
وللتذكير، فإن مجلس الأمن الدولي يتألف من 15دولة، خمس منها دائمة العضوية وهي: الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا، وهي الدول التي لها حق النقض ضد أي قرار، وعشر دول يتم انتخابها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة سنتين تماشيا مع التوزيع الجغرافي حسب المناطق حول العالم، ويختار مجلس الأمن في كل شهر رئيسا للمجلس بالدور، طبقا للحروف الأبجدية لأسماء الدول الأعضاء، وعلى رئيس المجلس التنحي عن الرئاسة إذا عرض على المجلس نزاع تكون دولته طرفا فيه، ويعد نظام التصويت المتبع في مجلس الأمن من الخصائص المميزة لهذا الجهاز عن غيره من أجهزة الأمم المتحدة، حيث نجد في الميثاق ما يحدد الأسس الواجب اتباعها كما ورد في المادة (27) الفقرة (3)، إذ يشترط المجلس في قراراته وتوصياته الحصول على الأغلبية (تسعة أصوات) متضمنة الموافقة الإجمالية للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن لإمكان إصدار القرار، ويترتب على عدم تحقيق الموافقة الإجمالية للدول دائمة العضوية واعتراض أحدها فقط (حق النقض أو الفيتو) عدم صدور القرار، وهي ميزة لهذه الدول الخمس تساعدها على تحمل مسؤولياتها في حفظ السلم والأمن الدوليين.
ونجد أن مجلس الأمن الدولي، كما أكد الخبير المكسيكي بيدرو دياز «قادر على التمييز بين الطرف الذي يرغب في حل النزاع والأطراف الأخرى التي تماطل وتختار الإبقاء على الوضع الراهن كما هو عليه». وفي هذا الإطار، نجد أن مجلس الأمن الدولي يستحضر دائما أن النظام الجزائري يخل بالتزاماته الدولية من خلال تحرشه الدائم بالسيادة الترابية المغربية، وتمويله لميليشيا إرهابية تتخذ من تندوف مقرا لعصابتها الإجرامية، حيث تحتجز بالقوة والإكراه العديد من المواطنين المغاربة وتضرب عليهم حصارا لامثيل له في التاريخ، كما أن النظام العسكري الجزائري الذي يحتضن ويمول هاته الشرذمة من المرتزقة، يخل بالتزاماته الدولية من خلال عدم إحصاء محتجزي تندوف الذين يعجون بالعديد من الملل والنحل، كما أن هذا النظام الفاشي والبائد يتاجر في المساعدات الغذائية ويتحمل كامل المسؤولية في انتهاكات حقوق الإنسان التي تمارس على أراضيه، كما أن مجلس الأمن الدولي يستحضر دائما أن البوليساريو تنتهك الأعراف والمواثيق الدولية، وذلك بفرضها على أطفال مخيمات تندوف حمل السلاح وتقوم بتجنيدهم والزج بهم في العمليات العدائية، في تحد صارخ لكل قرارات مجلس الأمن والمواثيق الدولية، مما يشكل جريمة حرب في النزاعات المسلحة الدولية.
إن مجلس الأمن الدولي يعي جيدا أن النظام العسكري الجزائري يجب عليه أن يتحمل كامل المسؤولية في الانتهاكات الجسيمة التي تمارس على أراضيه، على الرغم من أن الجزائر بصفتها دولة موقعة على الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، سبق وتعهدت وفقا للمادة الـ2 منه بأن تضمن لجميع الأفراد الموجودين على أراضيها والخاضعين لسلطتها، الحقوق المعترف بها في هذا الميثاق.
إن النظام العسكري الجزائري يمارس انتهاكا ممنهجا لحقوق الإنسان ولمواثيق القانون الدولي ويشجع على الإرهاب من أجل زعزعة المنطقة حتى يبدو قوة إقليمية وهمية.
إن مجلس الأمن الدولي يعلم أن الجزائر هي التي حرضت البوليساريو في نونبر 2020 على خرق وقف إطلاق النار المعمول به في المنطقة منذ عام 1991 من جانب واحد، وأمام هذه الحالة الخطرة وغير المسبوقة يجد المغرب أن من حقه التدخل وفقا لقواعد القانون الدولي، حيث أن للمغرب حق الدفاع الشرعي عن المنصوص عليه في المادة الـ51 من ميثاق الأمم المتحدة.
وعلى مجلس الأمن الدولي أن يلزم النظام العسكري الجزائري بالعودة إلى مسار الموائد المستديرة التي تقاطعها وترفضها مع ضرورة تذكيرها بالقرار الأممي رقم 2602 المؤرخ في 29 أكتوبر 2021، الذي يدعو جميع أطراف النزاع المفتعل إلى استئناف المفاوضات بهدف تحقيق حل سياسي عادل ودائم ومقبول من الطرفين.
وليعلم الكراغلة أن موقف مجلس الأمن الدولي من قضية الصحراء المغربية، يعبر عن دعمه للحل السياسي، حيث يعتبر أن مبادرة الحكم الذاتي تمثل حلا واقعيا وعمليا وجادا، كما جاء على لسان ممثل الولايات المتحدة الأمريكية بمجلس الأمن، والتي هي بالمناسبة صاحبة القلم، مما يعكس المصداقية التي يتمتع بها الطرح المغربي في الأوساط الدولية.
معشر الكراغلة «أصحاب القوة القاهرة العظمى»... وأنتم تدبجون خواطركم التي تشبه الهذيان، تيقنوا أن حبل الكذب قصير وبإمكانه رغم ذلك أن يلتف على أعناقكم كما أن النار التي توقدونها حتما ستحرقكم ولنا في التاريخ دروس وعبر... النار بدأ يتمدد لهيبها والأيام بيننا...