أكد الإمام المساعد بالمسجد الكبير بدكار، عبدولاي ديين، أن هذه المعلمة الدينية التي دشنها جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، والرئيس السنغالي الراحل ليوبولد سيدار سنغور سنة 1964، تجسد ذاكرة حية للروابط الروحية المشتركة بين المغرب والسنغال.
وأبرز ديين في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة تخليد الذكرى ال60 لتشييد هذا الصرح الديني، أن هذا المسجد الذي يعد واحدا من أكثر دور العبادة أهمية في العاصمة السنغالية دكار، مازال بعد ستين عاما من بنائه، يمثل رمزا للأواصر الدينية والروحية والتاريخية القائمة بين الشعبين الشقيقين المغربي والسنغالي.
وأضاف أن مسجد دكار الكبير الذي شيد وفق النمط العمراني المغربي الأصيل، والذي تم تزيينه بزخارف متنوعة، سواء من الداخل أو الخارج، يشكل رمزا حيا لعمق وعراقة العلاقات المتميزة التي تربط البلدين الشقيقين والصديقين المغرب والسينغال.
La Grande Mosquée, symbole de spiritualité et de coopération Sénégal-Maroc.
وفي هذا الصدد، أعرب ديين عن إعجابه بالطراز المعماري لهذا المسجد، ومئذنته المهيبة، ونافوراته المائية، وأروقته وزخارفه التي « تسافر بالمرء حتما إلى رحاب المملكة المغربية الشريفة حيث تعد المساجد جزء لا يتجزأ من ذاكرة الحواضر المغربية».
و ذكر بأن المسجد الكبير بدكار وقع اتفاقيات من شأنها الارتقاء به إلى مصاف المساجد العصرية، مشيرا إلى أن هذه المعلمة الدينية الزاخرة بعبق التاريخ تكتسي بعدا رمزيا يرفل بالسلام والتسامح وحسن الجوار.
وأضاف ديين أن « تشييد هذا الصرح الديني شكل إشارة قوية ودعوة للتسامح والتعايش السلمي »، مؤكدا أن المسجد الكبير بدكار يضطلع بدور رائد في تعزيز العلاقات بين المغرب والسنغال في إطار التبادلات المنتظمة المفيدة للطرفين.
وعلى صعيد متصل، سلط الإمام المساعد الضوء على الدعم اللوجستي والمادي والتقني الذي يحظى به المسجد من قبل المملكة المغربية من خلال مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة التي يرأسها أمير المؤمنين الملك محمد السادس، معتبرا أن المشاركة الفعالة للمؤسسة في تكوين الشباب والأئمة والعلماء الأفارقة تسهم بشكل أكيد، من خلال البرامج المختلفة، في ترسيخ القيم الدينية السمحاء والنهوض بالمستوى العلمي والثقافي للمستفيدين.
وسجل المتحدث، أن برامج التكوين التي تشرف عليها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، تسهم في ترسيخ نهج ديني متوازن يقوم على أساس الوسطية والاعتدال والتعايش وقبول الآخر، مضيفا أن هذه البرامج الهادفة تروم أيضا توطيد التواصل والتفاعل بين العلماء والأئمة في كافة دول أفريقيا ونشر رسائل السلام وحسن الجوار على الرغم من تنوع اللغات والثقافات المحلية الأخرى.
وفي السياق نفسه، شدد عبدولاي ديين على الدور الطليعي الذي يضطلع به المغرب في محاربة خطاب الكراهية، مذكرا في هذا الصدد بأن المملكة المغربية ساهمت في صياغة أول قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مكافحة خطاب الكراهية، والذي تم اعتماده سنة 2019، وكذا القرار الذي تم بموجبه إعلان 18 يونيو يوما دوليا لمكافحة خطاب الكراهية.
في السياق ذاته، أشاد ديين بالإصلاحات التي أطلقها المغرب بهدف هيكلة المجال الديني من قبيل تدريب الأئمة والمرشدين والمرشدات.
يشار إلى أن الذكرى الـ60 لتشييد المسجد الكبير بدكار التي تخلدها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، تهدف إلى تعزيز الروابط التاريخية والروحية التي تجمع المملكة المغربية بجمهورية السنغال.
ويشكل هذا الحدث التاريخي مناسبة لتخليد الروابط الأخوية بين البلدين الشقيقين للحفاظ على الذاكرة المشتركة، وتكريم الشيوخ والعلماء والمفكرين وكل الطاقات الحية من كلا البلدين الشقيقين والذين ساهموا جميعا وبامتياز في هذا الإرث التاريخي والروحي المشترك.
وتجسيدا لهذه العلاقات التاريخية والدينية والثقافية المتينة بين البلدين، سيتم اليوم الجمعة تنظيم حفل بهيج تخليدا لهذه الذكرى في رحاب المسجد الكبير بدكار.
كما سيتم بهذه المناسبة، تنظيم معرض للصور والوثائق التاريخية تحت عنوان « الذاكرة التاريخية للعلاقات الروحية المغربية السنغالية »، يهدف إلى التعريف بالعمق التاريخي والمعماري الذي يزخر به هذا الصرح الديني، والتذكير بالأهمية وبالطابع المحوري لإسهام شيوخ وعلماء البلدين في خدمة التراث الديني المشترك.
وبالموازاة مع هذا الحفل، ستنظم مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، يومي 23 و24 نونبر، مؤتمرا علميا دوليا حول موضوع « قيم السلام والتعايش السلمي المشترك في السياق الإفريقي »، بمشاركة ثلة من العلماء والخبراء والباحثين من المملكة المغربية وجمهورية السنغال ومن بلدان إفريقية أخرى.