مشروع قانون المالية لعام 2025: مقارنة بين ميزانيتي الدفاع في المغرب والجزائر

سباق التسلح بين الجزائر والمغرب

في 23/10/2024 على الساعة 07:00, تحديث بتاريخ 23/10/2024 على الساعة 07:00

تتميز مشاريع قوانين المالية لكل من المغرب والجزائر لعام 2025 بارتفاع كبير في الميزانيات المخصصة للدفاع في كلا البلدين، مما يجعلهما في مقدمة الدول الإفريقية من حيث الميزانيات العسكرية، متفوقين على مصر. وتُعزى هذه الوضعية إلى تزايد التوترات بين الجارين المغاربيين، بالإضافة إلى التحديات الأمنية المتعددة التي يواجهانها. هذا السباق في التسلح مكلف جدا للبلدين، خاصة للجزائر التي يتفاقم عجزها المالي بشكل أكبر، والذي من المتوقع أن يصل إلى 21٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد!

قامت الجزائر والمغرب بإجراء طلبات كبيرة للأسلحة خلال السنوات الأخيرة لتعزيز قواتهما المسلحة.

تشمل المشتريات طائرات عسكرية، مروحيات، طائرات بدون طيار، قطع مدفعية من أحدث الأجيال، أنظمة دفاع جوي، وأقمار صناعية عسكرية، مما جعل هذين البلدين المغاربيين من بين أكبر المنفقين على السلاح في القارة خلال السنوات الأخيرة. ينعكس ذلك بوضوح في ميزانيات الدفاع للبلدين، كما يظهر في مشاريع قوانين المالية لعام 2025، حيث تم تخصيص مبالغ إضافية كبيرة لقطاع الدفاع.

ومع ذلك، تختلف أهداف الميزانيات المخصصة للدفاع من بلد لآخر، رغم صعوبة الحصول على فكرة دقيقة عن كيفية تخصيص هذه المبالغ الهائلة للدفاع.

في المغرب، حيث الشفافية في الحسابات واضحة، ينص مشروع قانون المالية لعام 2025، الذي تم اعتماده يوم الجمعة 18 أكتوبر في مجلس الوزراء، والذي قدمته يوم السبت وزيرة المالية والاقتصاد، نادية فتاح العلوي، أمام غرفتي البرلمان، على تخصيص 133.45 مليار درهم للدفاع، أي ما يعادل 13.5 مليار دولار. وهذا يمثل زيادة قدرها 9 مليارات درهم، أي أكثر من 900 مليون دولار، مقارنة بنفس الميزانية لعام 2024.

وبذلك، يستحوذ قطاع الدفاع على حوالي 10٪ من الناتج المحلي الإجمالي في المغرب. وهو مستوى يضعه ضمن البلدان الأكثر إنفاقا على جيوشها، لكنه يظل بعيدا جدا عن الجزائر التي تخصص لجيشها ميزانية تعادل 21٪ من الناتج المحلي الإجمالي. وبالنسبة للناتج المحلي، تُعد ميزانية الجيش الجزائري الأعلى في العالم.

تعكس هذه التطورات طموح المغرب في مجال الصناعة الدفاعية مع مواصلة سياسة تحديث ترسانة القوات المسلحة الملكية.

ورغم أن تفاصيل تخصيص هذه المبالغ ليست متاحة، بسبب السرية الدفاعية، فإن الأمر المؤكد هو أن ثاني أكبر بند في الميزانية بعد الداخلية سيُستخدم لشراء وصيانة معدات القوات المسلحة الملكية، ودعم تطوير الصناعة الدفاعية، ودفع رواتب العسكريين وتغطية تكاليف التشغيل.

يجدر بالذكر أن ميزانية الدفاع في المغرب شهدت زيادة مطردة منذ عام 2004، بسبب سباق التسلح الذي فرضته الجزائر على المملكة.

هذا الارتفاع الكبير يبرره تصاعد التوترات الإقليمية والتحديات الأمنية المتعددة التي يواجهها المغرب. بعبارة أوضح، يسعى المغرب، المدرك للتحديات التي تهدد أمنه، إلى تعزيز موقعه كقوة دفاعية كبرى على مستوى القارة الإفريقية.

لكن إذا كانت ميزانية المغرب العسكرية قد شهدت زيادة كبيرة في السنوات الأخيرة، فذلك ليس فقط بسبب اقتناء الأسلحة الحديثة لمواجهة التوترات الإقليمية المتزايدة. في الواقع، يطمح المغرب منذ سنوات إلى تطوير صناعة عسكرية حقيقية، وهو ما يتطلب استثمارات ضخمة. وبالتالي، نلاحظ أن مبلغ 10.80 مليار درهم مخصص لاقتناء معدات القوات المسلحة الملكية ودعم تطوير الصناعة الدفاعية.

يتم الآن التركيز على تطوير صناعة دفاع محلية مهمة. وفي هذا الصدد، وافق مجلس الوزراء، الذي ترأسه الملك محمد السادس في الأول من يونيو الماضي، على مشروع مرسوم لإنشاء منطقتين للتسريع الصناعي في قطاع الدفاع. وهي مشاريع تجذب بالفعل شركات أجنبية مثل الشركة الهندية « تاتا »، وأيضا الشركة الإسرائيلية « إلبيت سيستمز » التي أعلنت عن نيتها إقامة موقعين في المغرب. وبالتالي، من خلال جذب شركات عالمية في قطاع الأسلحة، قد يصبح المغرب، على المدى المتوسط والطويل، مصدرا للذخيرة والأسلحة (المسدسات، المدافع الرشاشة، الطائرات بدون طيار...).

زيادة الميزانية تفسر أيضا بحرص المغرب على التركيز على جودة الأسلحة المكتسبة بدلا من الكمية، وذلك من خلال الاعتماد على أحدث التقنيات العسكرية. في هذا الصدد، يمكن ملاحظة الطلبات التي قدمها الجيش المغربي لنظام الصواريخ متعدد العيارات الإسرائيلي، الذي طورته « إلبيت سيستمز »، ونظام الحرب الإلكترونية « ألينيت »، والطائرة بدون طيار الإسرائيلية « هيرميس 900″ للقوات البحرية الملكية، وصواريخ « دليلة » الموجهة للطائرات المقاتلة التابعة للقوات المسلحة الملكية، وجميعها من صنع الشركة الإسرائيلية.

يجدر بالذكر أن الموارد البشرية تستحوذ على جزء كبير من ميزانية الدفاع المغربية. فقد شهد بند الرواتب، نتيجة التوظيفات الجديدة وزيادات الأجور والنفقات الأخرى، زيادة ليصل إلى 45.35 مليار درهم في قانون المالية لعام 2025. كما تم تخصيص مبالغ كبيرة لإدارة الدفاع الوطني (9.82 مليار درهم) والمعدات والنفقات المتنوعة (7.63 مليار درهم)...

أما في الجزائر، فإن ميزانية الدفاع في قانون المالية لعام 2025 تأتي في المرتبة الثانية بعد المالية (3,635.51 مليار دينار، أي ما يعادل 27 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي 133.4 دينار لكل دولار) بمبلغ 3,349.51 مليار دينار جزائري، أي ما يعادل 25.15 مليار دولار، بزيادة تتجاوز 10% مقارنة بميزانية عام 2024.

في الواقع، تعتبر ميزانية الدفاع هي البند الأول في قانون المالية الجزائري. فالميزانية المالية تتفوق عليها فقط لأنها تشمل مبلغا ضخما يبلغ 2,198.50 مليار دينار، أي ما يعادل 16.48 مليار دولار، مدرجا تحت بند « الاعتمادات غير المخصصة »، أي نفقات غير متوقعة للحكومة. هذه النفقات غير المتوقعة، التي تُعد بمثابة « صندوق أسود »، تتجاوز ميزانيات التعليم (1,645.25 مليار دينار) والصحة (1,004.41 مليار دينار). إنها بشكل أساسي مناورة تهدف إلى جعل هذا البند هو الأكبر في الدولة بدلاً من الدفاع.

هذا التمويه يهدف إلى جعل الناس يعتقدون أن وزارة الدفاع ليست البند الأكثر استهلاكًا للميزانية في الجزائر.

مع هذا الرقم القياسي الجديد، تؤكد الجزائر سباق التسلح الذي تفرضه على جيرانها، وخاصة المغرب، منذ عدة سنوات. ولإعطاء فكرة عن هذا السباق، يجب ملاحظة أن ميزانية الدفاع الجزائرية ارتفعت من 2.7 مليار دولار في عام 2000 إلى 25.15 مليار دولار في عام 2025 (قانون المالية)، بعد أن تجاوزت حاجز 10 مليارات دولار في عام 2012.

مع العلم أن قانون المالية لعام 2025 يتوقع ميزانية إجمالية تبلغ 15,787.63 مليار دينار، أي ما يعادل 118.32 مليار دولار، فإن ميزانية الدفاع تمثل وحدها 21.21% من الميزانية العامة للجزائر.

ووفقا لوسائل الإعلام الجزائرية، من بين الـ 3,349.51 مليار دينار، سيتم تخصيص 752 مليار دينار للدفاع عن الجمهورية، و861 مليار دينار للوجستيات والدعم المتعدد الأشكال، و1,736 مليار دينار للإدارة العامة لخدمات وزارة الدفاع الوطني. وهذه تخصيصات عامة للغاية. وإذا لم يتم تقديم تفاصيل، فإن قانون المالية لعام 2025 ينص على أن جزءا من هذه المبالغ سيتم استثماره في تحديث الترسانة العسكرية، بما في ذلك أنظمة الدفاع المتقدمة، وتعزيز أمن الحدود، خاصة مع ليبيا، وتعزيز القدرات الدفاعية في الفضاء الإلكتروني لحماية البنية التحتية والمجالات الحساسة في البلاد.

في الواقع، فإن الجزء الأكبر من الميزانية العسكرية الجزائرية سيستخدم لشراء الأسلحة، كما كان الحال في السنوات الأخيرة. ووفقا لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام - SIPRI - في تقريره عن الإنفاق العسكري العالمي لعام 2023، الذي نُشر في أبريل 2024، بلغت نفقات المغرب على مشتريات الأسلحة 5.2 مليار دولار في عام 2023، بانخفاض قدره 2.5%، بينما بلغت طلبات الجزائر على الأسلحة 18.3 مليار دولار، بزيادة قدرها 76%. وأشار SIPRI إلى أن هذا المستوى القياسي من طلبات الأسلحة من الجزائر وضعها في المرتبة 19 عالميا. وكانت الجزائر الدولة الإفريقية الوحيدة ضمن قائمة أكثر 40 دولة في العالم من حيث الإنفاق على الأسلحة عام 2023.

تعود هذه الحماسة في المقام الأول إلى العمولات الخلفية الكبيرة التي يستفيد منها الجنرالات الجزائريون خلال إبرام صفقات شراء الأسلحة مع كبار مورديهم، لا سيما الروس. أحد هؤلاء الجنرالات، اللواء عبد القادر لشخم، حُكم عليه في عام 2022 من قبل المحكمة العسكرية في البليدة بالسجن لمدة 20 عاما بسبب تبديده لمبلغ 2 مليار دولار. وهو ما يعطي فكرة عن نهم الجنرالات الجزائريين والفساد الهيكلي داخل الجيش الوطني الشعبي الجزائري.

تؤثر مشتريات الأسلحة بشكل كبير على ميزانيات كل من المغرب والجزائر، وتساهم بشكل كبير في العجز المالي. فمن المتوقع أن يتفاقم العجز المالي في الجزائر عام 2025، حيث سيرتفع من -7,039.66 مليار دينار (-19.8% من الناتج المحلي الإجمالي) في عام 2024 إلى -8,271.55 مليار دينار (-21.8% من الناتج المحلي الإجمالي)، أي ما يعادل 62 مليار دولار. في المقابل، في المغرب، وعلى الرغم من الزيادة الكبيرة في ميزانية الدفاع، من المتوقع أن يستمر العجز المالي في الانخفاض ليصل إلى 58.2 مليار درهم (حوالي 5.9 مليار دولار)، أي 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، وفقًا لمشروع قانون المالية لعام 2025.

المؤكد هو أنه لولا التوترات المستمرة في الصحراء الغربية التي تغذيها الجزائر وسباق التسلح الذي فرضته الأخيرة على المغرب، لكان البلدان قد خصصا موارد مالية كبيرة لتلبية الاحتياجات الضرورية للتنمية ومواجهة التحديات الاجتماعية.

تحرير من طرف موسى ديوب
في 23/10/2024 على الساعة 07:00, تحديث بتاريخ 23/10/2024 على الساعة 07:00