إن المغرب يقدم للسوق الإفريقية الواعدة تجربته ونموذجه الاقتصادي الذي يتكيف جيدا مع السياق الإفريقي، كما أن الرؤية المغربية لإفريقيا تقوم على إرساء البعد التضامني مع الدول الإفريقية التي يمكن أن تصنع نفسها بنفسها. هكذا أصبح المغرب ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا والشريك الاقتصادي الأول في غربها وذلك بفضل استقرار المغرب السياسي والأمني والاقتصادي مقارنة مع جيرانه من دول شمال إفريقيا.
إن هذا التوجه يعكس الرؤية السديدة لملك البلاد الذي يراهن على تطوير البنية التحتية والمرافق الضرورية للصحراء المغربية من أجل أن تصبح أرضا للفرص الواعدة وجسرا حقيقيا للتبادل بين إفريقيا وأوربا وصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، وهذا ما يجسد الطموح المغربي من أجل تطوير اقتصاد المناطق الجنوبية للملكة من أجل خلق فرص الشغل والاستثمار.
لقد أكد العاهل المغربي في خطابه بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء على ضرورة أن تشكل الصحراء المغربية صلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، ترسيخا لدور المغرب التاريخي ونظرا لطبيعة العلاقة مابين المغرب والدول الإفريقية خاصة دول غرب إفريقيا.
في هذا الإطار تحدث عن مشروع خط الغاز نيجيريا- المغرب، والذي يعتبر أكبر برنامج استثماري على المستوى القاري، حيث أكد ملك البلاد أن هذا المشروع يهدف إلى الاندماج الجهوي والإقلاع الاقتصادي المشترك، وتشجيع دينامية التنمية على الساحل الأطلسي إضافة إلى أنه سيشكل مصدرا مضمونا لتزويد الدول الأوربية بالطاقة.
إن مشروع خط الغاز نيجيريا- المغرب، هو أكبر من مشروع ثنائي، إنه لدول غرب إفريقيا كلها، من حيث آثاره الاقتصادية بالنسبة لكل البلدان التي سيمر عبرها هذا الأنبوب، والذي سينطلق بطول 5560كلم من نيجيريا ثم بقية دول غرب إفريقيا ليمتد إلى المغرب على البحر الأبيض المتوسط ثم أوربا، حيث سينقل نحو 30بليون متر مكعب من الغاز سنويا، وسيوفر عائدات مالية مهمة للدول المصدرة وسيؤمن وصول الغاز إلى الدول الأوربية، لاسيما أن تأمين إمدادات النفط والغاز أحد أهم العناصر الجوهرية على مستوى العالم مما يحتاج إلى تكاثف وتنسيق دولي للحفاظ على انسيابية وتدفق هذه الإمدادات.
وقد أكدت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة ليلى بنعلي من خلال مقال نشر على منصة الطاقة المتخصصة بعنوان » المغرب نحو مستقبل مستدام...استراتيجيات التنمية وتحول الطاقة في وجه التحديات العالمية »، أن نقل الغاز الطبيعي عبر خط نيجيريا/ المغرب ليس إلا مرحلة أولى ستتبعها مرحلة أخرى تهم نقل الهيدروجين الأخضر.
إنه من المنتظر أن تكون سنة 2024بداية أشغال البنى التحتية لهذا المشروع العملاق كما أكد ذلك وزير النفط في نيجيريا إكبيريكبي إيكبو، بحر هذا الأسبوع، وذلك بعد التوصل إلى اتفاق مع مجموعة من الدول التي سيمر المشروع من أراضيها قبل الوصول إلى المملكة المغربية، مذكرا كذلك بتطوير مصنع للأسمدة في نيجيريا والذي يشرف عليه المكتب الشريف للفوسفاط.
إن هذا المشروع يأتي تدعيما لشراكة جنوب/ جنوب ضمن رؤية بعيدة المدى ترسيخا لدور المغرب الحضاري والتاريخي.