نعرف أكثر عن آلة الحرب الحقيقية التي أصبح نظام الحوالة بالنسبة لجبهة البوليساريو الجزائرية وحزب الله اللبناني، الوسيلة المفضلة للتعاون من أجل تبييض الأموال وتمويل الأنشطة الإجرامية للمنظمتين.
بعد التحقيق المعمق الذي نشرته صحيفة دي فيلت (Die Welt) الألمانية، قدمت القناة الإخبارية الإسرائيلية i24NEWS يوم الخميس 2 فبراير، عناصر جديدة عن هذه الشبكات التي تنشط في تحويل الأموال من مكان إلى آخر من خلال وسطاء يستخدمون لإيصال الأموال لهاتين المنظمتين. وتستند القناة الإسرائيلية إلى تقرير وكالة استخبارات « دولة غربية » ومحققين ماليين وتقارير من الحرس المدني الإسباني.
والسبب هو أن هذه الشبكة لها جذور في إسبانيا، لأن العقل المدبر للعمليات، أحمد عبد الرحمن، يقيم فيها منذ عام 2007. وكذلك الحال بالنسبة لشريكه عزمان محمد محمدو. هذين الشخصين، المنحدرين من مخيمات تندوف، درسا في ليبيا. « معا سيؤسسان « Hawala Tirs »، وهو مكتب صرف غير قانوني على رأس شبكة التمويل الخفي لجبهة البوليساريو. التقنية: فتح العديد من الحسابات البنكية التي تمر من خلالها مبالغ كبيرة من الأموال »، بحسب ما شرحنه القناة الإخبارية i24NEWS، استنادا إلى بيانات بنكية ووثائق.
بالإضافة إلى ذلك، لم تقتصر الشبكة على العمل في إسبانيا، ولكنها فتحت لها «فروعا» في دول مثل إيرلندا والمملكة المتحدة أو في كل مكان في منطقة اليورو. وبحسب الصحيفة الألمانية، فإن قادتها « لديهم اتصالات جيدة مع الجيش الجزائري».
وأشارت القناة الإسرائيلية في تحقيقها إلى أن « هذه الآلة التي تعمل لفائدة البوليساريو تجذب لها منظمات أخرى، وفي مقدمتها حزب الله ». حوار حصري، تم تصويره في دولة أوروبية، يظهر، من الخلف، أحمد عبد الرحمن بصحبة رجل أعمال لبناني متخصص في القرض الحسن، وهو نظام للقروض يبدو مشروعا من وجهة نظر دينية، ولكنه في حقيقة الأمر وسيلة لتبييض أموال حزب الله.
خلال الحوار، لا يخفي عبد الرحمن تعاطفه الكبير مع الميليشيا الشيعية وداعمها الإيراني، حتى لو كان سنيا. وعلى حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، يهاجم بالطبع المغرب الذي يسعى « لشيطنة البوليساريو من خلال وصفها بأنها منظمة إرهابية ». بالنسبة له، فإن إيران « وقفت إلى جانب حلفائها في أحلك الأوقات ووقعت في المطب »، في إشارة إلى العقوبات الغربية ضد نظام طهران- وهي العقوبات التي يمكن التحايل عليها عن طريق نظام الحوالة.
كدليل على تواطؤ هاتين المنظمتين، تستشهد i24NEWS أيضا بعدة تقارير تشير إلى أن البوليساريو تلقت صواريخ أرض-جو وطائرات بدون طيار من طهران. أقام حزب الله معسكرات في الجزائر حيث يدرب مقاتلي البوليساريو. هي إذن علاقات سلاح، ولكن أيضا علاقات مالية ودعم سياسي، كما يتضح من صورة تجمع، في بيروت، زعيم ميليشيا البوليساريو إبراهيم غالي بعلي فياض، نائب عن حزب الله في البرلمان اللبناني، أظهرتها القناة i14NEWS في تحقيقها الحصري.
الغرض من مناورة الحوالة هو استخدام البوليساريو لتمويل الأنشطة الإجرامية والإرهابية « من تندوف في الجزائر إلى أوروبا وأفريقيا وحتى الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ».
بالنسبة لهذا العميل الإسرائيلي السابق المتخصص في تمويل الإرهاب، والذي ذكرته القناة الإسرائيلية لكن لم تكشف عن هويته، تكمن المشكلة الرئيسية في النظام نفسه، أي في نظام الحوالة. « الطريقة معروفة، ولكن هذه هي المرة الأولى التي نعرف فيه كيف تتم...جميع الوكالات الغربية المكلفة بتطبيق القانون وجميع وكالات الاستخبارات الغربية لديها مصلحة في معرفة وجودها. النظام لا يتعلق فقط بمشكلة الجريمة ومشكلة البوليساريو. بل يشير إلى تورط المنظمات الإرهابية في تمويل أنشطتها في الغرب ».
يؤكد العميل السابق أن الوكالات الأوروبية لا تولي اهتماما كافيا لأنشطة البوليساريو، التي تعتبر منظمة صغيرة، « لكنها تسمح للمنظمات الأكبر منها مثل حزب الله باستخدام بنيتها التحتية ». قد يكتسب هذا الاتجاه زخما، وقد يعتمد عليها الحزب اللبناني أكثر خاصة وأن القرض الحسن أصبح محظورا في أوروبا وبسبب أن الميليشيا الشيعية أصبحت لا تتوافر على وسائل تحويل الأموال بسبب الوضع الاقتصادي الحرج في لبنان. « إنهم (قادة حزب الله، ملاحظة المحرر) يبحثون عن بدائل وقد وجدوا في أوروبا شبكة حوالة البوليساريو التي يستخدمونها من أجل تحقيق أهدافهم ».
الإشكال المطروح هو كيف لم يرد الاتحاد الأوروبي، بحجة أن مسألة الحوالة قانونية بحتة. « والحال أن هناك كيانا يقوم بتبييض الأموال. إن الأمر لا يتعلق بمشكلة قانونية. يجب فعل ما يتطلبه الأمر. يجب التعامل مع المشاكل قبل ظهورها. عدم الاهتمام بكل شبكات الحوالة هذه في أوروبا سيؤدي إلى حدوث مشكلات أكبر للأوروبيين فيما يتعلق الأمر بتبييض الأموال والأنشطة الإجرامية الأخرى. إذا لم تعالجوها، فأنتم تعرفون ما سيحدث»، يحذر هذا العميل العارف بخبايا هذا الملف. إذن ما الذي تنتظره أوروبا؟