وإذا كان استخدام القوة مبدأ أساسيا في القانون الدولي التقليدي، جاء النظام الدولي الجديد في ميثاق الأمم المتحدة ليحد من ذلك عبر تطوير وتوسيع أحكام اتفاقيات القانون الدولي في إطار قوة القانون.
في المقابل، تؤكد النظرية الواقعية في العلاقات الدولية على مفاهيم مثل: دور الدولة والمصلحة العامة والقوة بين دول العالم.
وقد ظهرت الواقعية على يد عالم السياسة البريطاني إي إتش كار، حين انتقد مفهوم المثالية والإيمان في التقدم والتطور من خلال المؤسسات الدولية مثل عصبة الأمم.
ومن أبرز منظري المدرسة الواقعية: هانز مورغنتاو، صاحب كتاب «السياسة بين الأمم»، حيث يعتبر مرجعا أساسيا في دراسة الواقعية في العلاقات الدولية.
إن الركيزة الأساسية لنظرية مورغنتاو هي مفهوم القوة «قانون القوة» أو المصلحة المحددة على أساس القوة، خاصة حين يؤكد أن «المبادئ الأخلاقية العالمية لا يمكن تطبيقها على تصرفات الدول بصياغتها العالمية المجردة، لكن لابد من تصفيتها من خلال الظروف الواقعية الملموسة للزمان والمكان، ولابد أن تكون هذه المبادئ مصحوبة بحكمة وحذر، لأنه لا يمكن أن تكون هناك أخلاق سياسية دون حصافة، أي دون النظر في العواقب السياسية المترتبة على العمل الذي يبدو أخلاقيا».
يخلص مورغينتاو أن القوة أو المصلحة هي المفهوم المركزي الذي يجعل السياسة في نظام مستقل، لذلك يمكن بناء نظرية عقلانية للسياسة الدولية لا تكترث بالأخلاق أو الدوافع والتفضيلات الإيديولوجية.
إننا نجد أن الواقعية هي أكثر من مجرد نظرية جامدة وغير أخلاقية، إنها تعتمد على الظروف التاريخية والسياسية الفعلية، وهي بالتالي ليست مشروعا دوغمائيا عقائديا، لكنها تؤدي دورا تحذيريا من أجل اتخاذ قرارات سياسية حكيمة خاصة تجاه من يتوهم أنه خارج منطق الخطأ والصواب...