إن المغرب يقدم للسوق الإفريقية الواعدة تجربته ونموذجه الاقتصادي الذي يتكيف جيدا مع السياق الإفريقي، كما أن الرؤية المغربية لإفريقيا تقوم على إرساء البعد التضامني مع الدول الإفريقية التي يمكن أن تصنع نفسها بنفسها. هكذا أصبح المغرب ثاني أكبر مستثمر في إفريقيا والشريك الاقتصادي الأول في غربها وذلك بفضل استقرار المغرب السياسي والأمني والاقتصادي مقارنة مع جيرانه من دول شمال إفريقيا.
إن هذا التوجه يعكس الرؤية السديدة لملك البلاد الذي يراهن على تطوير البنية التحتية والمرافق الضرورية للصحراء المغربية من أجل أن تصبح أرضا للفرص الواعدة وجسرا حقيقيا للتبادل بين إفريقيا وأوروبا وصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي، وهذا ما يجسد الطموح المغربي من أجل تطوير اقتصاد المناطق الجنوبية للملكة من أجل خلق فرص الشغل والاستثمار.
في هذا الإطار وقع المغرب في غضون هذا الأسبوع بنيويورك على خارطة طريق مع الدول الأعضاء في اتحاد نهر مانو، وهي الكوت ديفوار، غينيا، ليبيريا وسيراليون، وذلك على هامش الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة، تشمل مجالات التعاون العلمي والتقني في مجال الأمن والنهوض بالاقتصاد والاستثمار.
بموجب خارطة الطريق التي ستضطلع الوكالة المغربية للتعاون الدولي بتنفيذها، تلتزم المملكة بتقاسم خبراتها وممارساتها الفضلى مع بلدان اتحاد نهر مانو، وتبادل وجهات النظر بشأن القضايا متعددة الأطراف والإقليمية المشتركة.
إقرأ أيضا : بنطلحة يكتب: الجزائر... وأحلام اليقظة
إن المغرب اختار التوجه نحو عمقه الإفريقي للمساهمة الفعالة في التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي في إفريقيا، حيث يقدم للسوق الإفريقية الواعدة تجربته ومعرفته ونموذجه الاقتصادي الذي يتكيف جيدا مع السياق الإفريقي، حيث وظفت المملكة المغربية نهج دبلوماسية اقتصادية عبر آليات وأدوات عديدة في سبيل تعميق تعاونها مع بلدان القارة من جهة، وكذا تحسين تموقعها وتعزيز نفوذها في القارة كقوة إقليمية صاعدة تحاول أن تعزز نفوذها وتقوية مكانتها من خلال لعبها دور الوسيط أو المنصة بين الدول الإفريقية والقوى الدولية.
في هذا الإطار يجب أن نستحضر أن الدبلوماسية المغربية تعي جيدا أن هدفها الأساسي يتمثل في إيجاد الكيفية الإيجابية التي تؤدي بها إلى تحقيق أهدافها وفق رؤية طويلة الأمد تستند إلى المعطيات والتوازنات الإقليمية والدولية، وتجعل معيار المصلحة ضابط السياسة الخارجية، مما أعطى دينامية جديدة لملف الصحراء المغربية وشكل صدمة كبيرة في محيط أعداء الوحدة الترابية للمملكة المغربية وتحولا على مستوى التكتلات الإفريقية، بحيث أن فتح قنصليات في حاضرتي الصحراء المغربية مدينتي العيون والداخلة له دلالات وأبعاد متعددة لأنه يجسد على المستوى السياسي دعما للوحدة الترابية للمملكة واعترافا صريحا وواضحا بمغربية الصحراء، وتعبيرا عن الثقة في الأمن والاستقرار الذي تنعم به الأقاليم الجنوبية المغربية.
إن الدبلوماسية تعتبر أداة سياسية تتصل بعملية صنع السياسة الخارجية وتنفيذها، مما يتطلب اعتماد استراتيجية ذات بعد استشرافي تعتمد على دراسات وتحليلات للوقائع وعلى رؤية في التنفيذ في إطار حس استباقي لا تخطئ ساعته مواعيدها، مع العلم أن الاستراتيجية هي علم وفن استخدام الوسائل والقدرات المتاحة في إطار عملية متكاملة يتم إعدادها والتخطيط لها، والتي تتمثل في التدبير الجيد للعمل الدبلوماسي من أجل تحقيق المصالح العليا للوطن.