وللحديث عن هذا الموضوع، أجرى Le360 حوارا مع الأستاذ محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض ومدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء.
في نظركم ماهي دلالات وأبعاد هاته الرسالة الملكية السامية؟
إن لقب أمير المؤمنين يمنح للعاهل المغربي الحق في فرض مراجعة مدونة الأسرة أسوة بما قام به محمد الخامس سنة 1957/1958والحسن الثاني سنة 1993، وما قام به جلالته سنة 2003 عندما تم الانتقال إلى مدونة الأسرة عوض مدونة الأحوال الشخصية، وبذلك فهو يقوم بدور مهم في توجيه ورسم حدود الإصلاح التي تهم المجتمع المغربي، وخصوصا تلك التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالأسرة باعتباره الحامي الشرعي للنظام العام في القانون الأسري.
إن الرسالة الملكية السامية تؤكد سمو إمارة المؤمنين حرصها على الضوابط الدينية في مجال المحافظة على الأسرة. وفي هذا الصدد، شدد الملك على أنه لن يحلل ما حرم الله ولن يحرم ما أحلّ الله.
إن الدلالة التي نقف عندها تتمثل في رفع فتوى استنادا إلى مقاصد الشريعة الإسلامية بوصفها أهم مدخل لإجازة النص القانوني وتنزيله في الواقع المجتمعي. إن الرسالة الملكية تستحضر الوظيفة الدستورية لعاهل البلاد ذات الصلة بكل ما له علاقة بالشريعة والدين تجسيدا للعناية التي ما فتئ يوليها للنهوض بقضايا المرأة والأسرة بشكل عام، علما أن الأسرة تظل عماد المجتمع.
وتجدر الإشارة إلى أنه قد سبق ذلك مجهود جماعي مشترك بين كل من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، كما دعا جلالته إلى إشراك، بشكل وثيق، في هذا الإصلاح، الهيئات الأخرى المعنية بهذا الموضوع بصفة مباشرة وفي مقدمتها المجلس العلمي الأعلى والمجلس الوطني لحقوق الإنسان والسلطة الحكومية المكلفة بالتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة مع الانفتاح أيضا على هيئات وفعاليات المجتمع المدني والباحثين والمختصين.
في نظركم، ما هي التوجيهات أو بالأحرى الخطوط العريضة لمنهجية العمل التي تم الالتزام بها في شأن إصلاح مدونة الأسرة؟
منهجية العمل التي تم الالتزام بها ركزت على الحاجة لتكييف مدونة الأسرة مع تطور المجتمع المغربي والالتزام بمقاصد الشريعة الإسلامية وخصوصيات المجتمع المغربي، والاعتماد على فضائل الاعتدال والاجتهاد المنفتح والتشاور والحوار في هذا السياق، والمحافظة على المرجعيات والمبادئ الأساسية مثل العدل والمساواة والتضامن والانسجام المستمدة من تعاليم الإسلام الحنيف والاتفاقيات الدولية، وتعزيز المساواة وحماية حقوق النساء والأطفال.
إن النموذج المغربي يدعو إلى الوسطية والاعتدال في إطار الثوابث الدينية المتمثلة في العقيدة الأشعرية والفقه المالكي والتصوف السني وإمارة المؤمنين.
هذه الثوابث المشتركة صمام أمان للوحدة الكاملة ووحدة العقيدة عبر التاريخ.