وقال العمراني في كلمة خلال جلسة نقاش رفيعة المستوى حول موضوع « أفق أطلسي موسع: أوجه التشابه والاختلاف » نظمت في إطار الدورة الـ12 للمؤتمر الدولي « الحوارات الأطلسية »، إن خطاب جلالة الملك أطلق رؤية ملكية متكاملة ومتضامنة وطموحة لإقامة « إفريقيا أطلسية » تفرض نفسها باستمرار كفضاء جيو-استراتيجي لا غنى عنه في الساحة الدولية.
وأشار الدبلوماسي المغربي إلى أن هذه الرؤية الملكية « تدعو إلى الجرأة والابتكار لخلق فضاء دينامي للتنمية والتقدم المشتركين، والتي تتحول مع الطموح المعلن لتشكل مساحة يسودها السلام الدائم، والاحترام المتبادل، والاستقرار والتقدم للدول ».
وأوضح أن الفضاء الأطلسي يمثل بالنسبة للمغرب أكثر من مجرد مساحة جغرافية، قائلا إن الأمر « يتعلق بفضاء للإشعاع الواسع الذي يتيح للمملكة ربط محاور جهودها الواسعة المتعلقة بالاندماج في بيئتها المباشرة وجوارها وواجهتيها البحريتين المفتوحتين أمام العديد من الشركاء التقليديين والاستراتيجيين بالأمريكيتين ».
وبعدما ذكر بأن « الأطلسي يمثل حظا ونعمة جيوسياسية، وفضاء من الفرص، وأرضية مزدهرة من أجل مسارات تكاملية ناجحة »، سجل السيد العمراني أن الأطلسي « يواجه، كذلك، تحديات تتطلب استثمارات كبرى مقرونة بقيادة سياسية حقيقية ».
وتابع بالقول إن « هذا الفضاء في حاجة إلى سياسات إقليمية وشبه إقليمية منسجمة ومتطلعة للمستقبل ومندمجة وشاملة، خاصة في بعدها الإفريقي ».
وأشار السيد العمراني إلى أن دول الجنوب، سواء بأمريكا اللاتينية أو بإفريقيا، تواجه نفس المشاكل في ما يتعلق بالتنمية والحكامة وتوفير الخدمات الاجتماعية، موضحا أنه لهذه الأسباب « لا يمكننا أن نفصل مصيرنا عن مصير البلدان الأخرى، فالتحديات أكبر من أن نواجهها بمفردنا ».
واعتبر أنه بهذه الروح، يسعى المغرب دائما للحفاظ على شراكاته التقليدية وتعزيزها، مع الالتزام المستمر بالمبادرات الرامية إلى تعزيز المزيد من التكامل الإقليمي.
وفي هذا الإطار، أكد السيد العمراني أن « الربط هو مفتاح التعاون المستدام »، موضحا أن « ربط السواحل بمزيد من الكابلات وخطوط الأنابيب والطرق يوفر بشكل فوري فائدة اقتصادية، ويحفز، كذلك، على إرادة سياسية قوية لتعزيز التعاون في وجه العوائق والانقسام ».
وأوضح السفير أن الأولوية هي إنشاء آليات للتعاون يمكنها تعزيز التكامل، ليس فقط في المجال الاقتصادي، بل أيضا في المجال السياسي والأمني والإنساني والثقافي والعلمي، مضيفا أن هذا الأمر « هو جوهر العمل الدبلوماسي المغربي الذي يقوده جلالة الملك داخل الاتحاد الإفريقي، وأيضا في كل علاقات الشراكة التي نقيمها مع البلدان الإفريقية الشقيقة والصديقة ».
وأبرز أن الدليل على هذا الالتزام القوي، هو أن إفريقيا تحتضن اليوم ثلثي الاستثمارات الأجنبية المباشرة للمغرب، إذ أن المملكة استثمرت منذ سنة 2008 أكثر من 3 مليار دولار في القارة، وأصبحت اليوم أكبر مستثمر إفريقي بغرب إفريقيا، وتعد واحدة من أكبر بلدين إفريقيين مستثمرين في جميع أنحاء القارة.
وذكر الدبلوماسي المغربي أن هذا المسار انطلق على الصعيد الوطني بقيادة صاحب الجلالة، مبرزا أن هذا الأمر ترجم من خلال بلورة سياسة كبرى للأقاليم الصحراوية للمملكة، التي أضحت جزء أساسيا من اقتصاد بحري متكامل، من خلال الصيد البحري والخدمات اللوجستية، والموانئ، والطاقات المتجددة، والتنقيب عن الموارد النفطية في المياه البحرية، والسياحة، فضلا عن البنيات التحتية.
وأضاف أن « مد الطرق السيارة والقطار فائق السرعة، وميناء الداخلة الأطلسي، كلها تندرج في إطار رؤية طموحة لتنمية المغرب والقارة بأكملها، انطلاقا من واجهته الأطلسية وانتهاء بامتداده نحو عمقه الإفريقي الطبيعي ».
وسجل أن « الرؤية الملكية وضعت خارطة طريق واضحة، الأمر الذي يثري ركائز المشاركة التي يسعى المغرب إلى ترسيخها من خلال العمل الوثيق مع البلدان الإفريقية الأطلسية الشقيقة والجارة، عبر مشاريع استراتيجية وملموسة من شأنها أن تحقق تكاملا أفضل لاقتصاداتنا، مثل مشروع أنبوب الغاز المغرب-نيجيريا ».
وخلص العمراني إلى أن الرهانات التي تواجه البلدان الإفريقية لها قواسم مشتركة تتعلق، بالحاجة إلى فضاء إقليمي متجانس مع تداول سلس ومحكم، بحيث يسود التفاهم، وأيضا الحوار والتعاون وروح التوافق وحسن الجوار.