أزمة كليات الطب: «حرمان الطلبة المُقاطِعين» من السكن الجامعي يجر ميراوي إلى المساءلة

عبد اللطيف ميراوي، وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار

في 11/09/2024 على الساعة 18:45, تحديث بتاريخ 11/09/2024 على الساعة 18:45

في وقت وصلت فيه الأزمة القائمة بين طلبة الطب والصيدلة من جهة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار من جهة ثانية، (وصلت) إلى نفق مسدود، أُثِيرَ جدل آخر مرتبط بحرمان الطلبة من السكن الجامعي، وصل إلى قبة البرلمان.

وارتباطا بالموضوع، وجهت النائبة البرلمانية فاطمة التامني من فيدرالية اليسار الديمقراطي، سؤالا كتابيا إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، لمسائلته عن التدابير التي يعتزمون القيام بها لتفادي المزيد من التصعيد والاحتقان.

وقالت النائبة البرلمانية، إنه «وفي خضم الاحتقان، يستمر تعرض طلبة الطب والصيدلة لكل أنواع الضغط والابتزاز، بسبب تشبتهم بمطالبهم العادلة والمشروعة والشرعية والتي باتت قضية رأي عام لأنها تهم قطاعا حيويا يخص جميع المغاربة».

وتابعت: «في الوقت الذي ينتظر فيه الطلبة تجاوبا حكوميا مع مطالبهم والتراجع عن القرارات الحكومية الجائرة وغير الصائبة، تمارس كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان الابتزاز ضد الطلبة».

وأشارت التامني إلى أن الكليات «منعت الطلبة من الحصول على شهادات التسجيل، مطالبين إياهم باجتياز الامتحانات أولا، قبل الاستفادة من شهادة التسجيل التي تكفل لهم التسجيل في الحي الجامعي لاسيما السويسي الذي من المحتمل أن يُحرموا منه فقط لسبب وحيد وهو التزامهم بالدفاع عن مطالبهم المشروعة الرافضة للقرارات الحكومية، والتي باتت وكأنها أشبه بقرارات مُقدّسة لا تجوز مناقشتها ولا الاحتجاج عليها».

وأمام هذا الوضع، تضيف البرلمانية، فإن طلبة الطب، «يواجهون مصيرا مجهولا في مسارهم الدراسي، كما في حقهم في السكن الجامعي الذي يُعدّ حقا مكتسبا ناضلت من أجله أجيال في الجامعات المغربية»

ولفتت التامني إلى أن الحكومة اليوم «تواجه الوضع المتأزم بآذان صماء، غير آبهة بمعاناة الطلبة والطالبات، وهاهم اليوم يواجهون أزمة جديدة من خلال التهديد بالحرمان من الـسكن الجامعي».

وساءلت التامني الوزير عن «التدابير التي تعتزمون القيام بها لمواجهة الابتزاز الذي يتعرض له طلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، واحترام قراراتهم الرافضة للقرارات الحكومية، لتفادي المزيد من التصعيد والاحتقان».

وكان عشرات طلبة الطب والصيدلة قد احتجّوا، السبت 7 شتنبر 2024، بجوار كلية الطب والصيدلة، وسط مدينة الدار البيضاء، وذلك بعد يومين من مقاطعتهم امتحانات استدراك الدورة الخريفية للموسم الجامعي 2023-2024.

كاميرا Le360، انتقلت إلى مكان تجمهر الطلبة المحتجين، الذين أكدوا استمرار الأزمة القائمة بينهم، من جهة، وبين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، من جهة ثانية.

وكان مجلس طلبة الطب بالدار البيضاء قد دعا إلى هذه الوقفة الاحتجاجاية، عبر منشور له، أورد من خلاله أنه «في خضم المسلسل النضالي الذي يخوضه طلبة الطب والصيدلة، حيث دخلنا في إضراب وطني مفتوح منذ 16 دجنبر 2023، والذي دام لـ9 أشهر، يُنظّم طلبة الطب والصيدلة وقفة احتجاجية، يوم السبت 07 شتنبر 2024، في الساعة الخامسة عصرا، أمام كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء».

وقُبيْل دقائق من موعد تنظيم هذه الوقفة، تقرّر نقل الاحتجاجات من أمام مقر كلية الطب والصيدلة، إلى جوارها، بمُحاذاة مقر رئاسة جامعة الحسن الثاني، بشارع طارق ابن زياد، وذلك «بعدما رفضت إدارة الكلية المعنية أن تُقام أي احتجاجات أمام مقرّها»، وفق ما جاء على لسان الطلبة الغاضبين.

وهكذا، عبّر طلبة الطب والصيدلة عن استيائهم من استمرار الأزمة، متخوّفين من السيناريوهات المُهدّدة بـ«ضياع» الموسم الجامعي، ومُردّدين شعارات من قبيل: «نُساق نحو سنة بيضاء.. ترى من المسؤول»، و«جودة التكوين الطبي وصحة المواطن المغربي وَجْهان لعملة واحدة»، و«جودة التكوين الطبي خط أحمر»...

وقال محمد أمين فتحي، المنسق الوطني للجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، في تصريح لـLe360، إن «القرارات، التي جرى الحديث عنها، المتعلقة بإلغاء العقوبات والأصفار في حق بعض مُمثّلي الطلبة، لا أثر لتطبيقها على أرض الواقع»، مضيفا أنه «لا يوجد أي جديد في ما يخص تقليص مُدّة التكوين من سبع إلى ست سنوات».

من جانبها، انتقدت نرجس الهلالي، طالبة بكلية الطب وعضو باللجنة الوطنية للطلبة، في تصريح مُماثِل، (انتقدت) «قرارات الإصلاح» الصادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار» مُعتبرة أنها «تُعمّق من الأزمة الحاصلة بكليات الطب والصيدلة، بِحُكم أنها غير مُكتملة»، مُطالبة بـ«عدم التضحية بالدُّفُعات الخمس الحالية بإقحامها في النظام الجديد»، ومُتحدّثة عن مجموعة من نقاط الخلاف، بالتأكيد على أن «الامتحانات ليست مِحور الأزمة».

وفي ما يخص شُعبة الصيدلة، أكّد سعد النخوي، رئيس مكتب طلبة الصيدلة بالدار البيضاء والمسؤول عن الشعبة باللجنة الوطنية، (أكّد) أن «ما يُقارب 90 بالمائة من طلبة الصيدلة وافقوا على المقترح الحكومة، لكن تطبيق مضامين القرارات الرامية لإنهاء الأزمة لم يُرَ على أرض الواقع، سيما أنه لم يتم التوقيع على أي محضر اتفاق»، مُطالبا بـ«إيجاد حلول للأزمة التي استمرت لـ9 أشهر».

هذا، وكانت لجنة الحوار لفرق الأغلبية بمجلس النواب قد أعلنت، يوم الأحد 1 شتنبر 2024، «إلى عموم طلبة الطب والصيدلة أنه، تتويجا لمسار الوساطة والحوار مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، فقد تلقّت أجوبة الوزارة بهذا الشأن».

وسجلت اللجنة البرلمانية، وفقا لمصدر مطلع، أنها «ستحرص على متابعة التزامات الوزارة المصرح بها في اللقاء بمجلس النواب بتاريخ 10 يوليوز 2024، خاصة ما يتعلق برفع العقوبات الصادرة في حق الطلبة وممثيليهم، وإلغاء نقطة الصفر، إضافة إلى برمجة دورتين للأسدس الأول والأسدس الثاني، وكذا العمل على ضمان الوعاء الزمني للتكوين للأفواج 2019- 2024 بحسب الصيغ البيداغوجية المعمول والمتخذة من طرف اللجان المختصة».

ودعت اللجنة البرلمانية طلبة الطب والصيدلة، قبل أيام، إلى «التفاعل الإيجابي مع مقترح وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والثقة في المؤسسات»، مؤكدة أنها «ستواكب تنفيذ التزامات الوزارة ضمانا لمصالح الطلبة وبما يحقق المصلحة الفضلى للوطن».

وكانت مكونات الأغلبية قد وضعت مجموعة من المقترحات على طاولة وزير التعليم العالي لإنهاء الأزمة، من ضمنها الدعوة إلى تنظيم امتحانات تُشكّل، بالنسبة للطلبة الذين قاطعوا الموسم الماضي، فرصتين عن كل أسدس.

كما اقترحت أن يتم إلغاء التوقيفات والنقط الموجبة للرسوب، مقابل الإبقاء على القرار المتعلق بتقليص سنوات التكوين إلى 6 سنوات وفق الصيغة الأخيرة التي أقرتها الحكومة.

وهكذا، كان Le360 قد انتقل، يوم الخميس 5 شتنبر 2024، إلى كلية الطب والصيدلة بمدينة الدار البيضاء، ورصد أجواء اليوم الأول من الامتحانات، التي قاطعها، مرة أخرى، عدد كبير من الطلبة.

وكان طلبة الطب والصيدلة قد واصلوا، الاثنين 22 يوليوز 2024، مقاطعتهم لامتحانات الدورة الربيعية. فبعدما قاطعوا اختبارات الدورة العادية، أجمع جُلّهم، لاحقا، على مقاطعة اختبارات الدورة الاستدراكية.

وانتقل Le360 إلى كلية الطب والصيدلية بمدينة الدار البيضاء، الاثنين 22 يوليوز 2024، واِلتقط مجموعة من الصور، التي أظهرت غياب الطلبة عن محيط الكلية وغياب أجواء الامتحانات بشكل عام.

يذكر أن عددا كبيرا من طلبة الطب والصيدلة، قد تخلفوا عن اجتياز امتحانات الأسدس الثاني للسنة الجامعية الحالية (الدورة العادية)، التي كانت وزارة التعليم العالي قد برمجتها لتنطلق ابتداءً من يوم الأربعاء 26 يونيو 2024.

وبِلُغة الأرقام، فقد تجاوزت نسبة مقاطة الامتحانات 90% وفق ما أكدته اللجنة الوطنية لطلبة الطب، طب الأسنان والصيدلة بالمغرب.

وقالت اللجنة إن هذه النسبة، التي بلغت 94% بجميع كليات الطب والصيدلة العمومية بالمغرب، صدرت بناء على نتائج الجموع العامة التقريرية والتصويت الوطني، كـ«تأييد للإرادة الطلابية القاضية بالاستمرار في المقاطعة، ردا على مجموع القرارات التعسفية التي لم يتم التراجع عنها ومواصلة الابتزاز عن طريقها».

تحرير من طرف عبير العمراني
في 11/09/2024 على الساعة 18:45, تحديث بتاريخ 11/09/2024 على الساعة 18:45