إن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يسير في اتجاه دعم الحقيقة، ويزكي القرار المعتمد في أكتوبر الماضي من قبل اللجنة الرابعة. وهو بذلك يسقط الأوهام التي يتعلق بها خصوص الوحدة الترابية لبلادنا. كما أنه يوضح بجلاء سلامة الموقف المغربي الثابت ويزكي جدية بلادنا ومصداقية مقترح الحكم الذاتي الذي تقدمت به في 11 أبريل 2007.
بالمقابل، فإن السلطات الجزائرية، التي تزرع الرياح بمعاداتها للمغرب، لا تحصد سوى العواصف، على مر الزمن، وهذا ما تؤكده السنوات والعقود المتوالية من عمر القضية المفتعلة، والتي طال أمدها بسبب مراوغات الخصوم.
إنها الحقيقة التي لا مراء فيها، ولا يمكن للآلة الدعائية للجارة الشرقية أن تحجبها بأي طريقة.
لقد سرقت الجزائر بسبب استهداف الوحدة الترابية للمغرب حوالي نصف قرن من رفاه الشعب الجزائري الشقيق، الذي يستحق وضعا أفضل، وللسبب نفسه قدر على هذا الشعب أن يعيش، مع الأسف، وضعا أقل بكثير مما تعيشه شعوب بلدان غير نفطية.
لهذا الوضع غير المنطقي ما يبرره، فعائدات خيرات الجارة الشرقية تصرف على الانفصاليين، الذين يمتصون أموال الغاز الجزائري، ويلهفون المساعدات الدولية التي يفترض أن توجه للمحتجزين عبر تحويل اتجاهها والمتاجرة فيها، وهي العملية التي ضبطت على أكثر من صعيد.
لم تكتف السلطات إياها بجلب الأذى لهذا الشعب، بل إنها أشاعت الفرقة بين الدول المغاربية نتيجة أوهامها المتمثلة في الرغبة في زرع كيان وهمي، وغير مقبول في المنطقة، ضدا على ما ينطق به التاريخ.
إن حالة الجمود التي يعيشها هذا الاتحاد، والوضع الشاذ للمنطقة المغاربية، نتيجة حتمية للفكر المتحجر للسلطات الجزائرية، وللوهم الذي ترغب في بيعه، لكنها لم تجد من يشتري عداها وصنيعتها، وحفنة عابري سبيل السياسة الباحثين عن «السعادة»، لم يجنها «قيس» بحبه لـ«ليلى». ومع أن عدد الأتباع لا يعتبر فإن فلول الحرب الباردة ما زالوا يمنون النفس بلحظة سهو، لكن هيهات.
إن دفاع المغاربة عن الوحدة الترابية لبلدهم لا يتعبهم، ولا يشقيهم، ولعل طول نفسهم هذا هو الذي يزرع اليأس في نفوس الخصوم، الذين يتناسون أن المغاربة الذين يدافعون بشراسة عن قضية الوحدة الترابية لبلدهم هم أبناء وأحفاد الرجال الشرفاء، الذين كانوا يضحون بأنفسهم وبلدهم لتتحرر الجزائر.
إن سياسة الهروب إلى الأمام، التي دأبت عليها الجزائر، لم تعد يجدي نفعا، فالقرار الذي يعد من أسباب نزول رأينا هذا، وتجديد التعبير عن موقفنا المبدئي، الذي لا يتغير بخصوص الموضوع يدعو « مجموع الأطراف إلى التعاون الكامل مع الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الشخصي من أجل التوصل إلى حل سياسي لهذا النزاع الإقليمي، بناء على القرارات التي اعتمدها مجلس الأمن منذ عام 2007. ويدعم بذلك العملية السياسية على أساس قرارات مجلس الأمن الـ19 المعتمدة منذ 2007، بهدف التوصل إلى حل سياسي « عادل ودائم ومقبول لدى الأطراف » لقضية الوحدة الترابية لبلدنا.
كما أنه يدعو الأطراف كلها إلى التعاون الكامل مع الأمين العام «وفي ما بينها»، بغية التوصل إلى «حل سياسي مقبول لدى الأطراف».
إن عبارة «الأطراف» تؤكد مرة أخرى أنه لا مجال للتنصل، ويزكي الطرح وجود يد الجزائر في القضية المفتعلة، ويذهب في منحى القرارات السابقة «التي تبناها مجلس الأمن على مدى عقدين»، والمتمثلة في تجنب الإشارة إلى الاستفتاء الذي أسقط بشكل تام.
تكررت رصاصات الرحمة، لكن تصلب موقف قادة الجزائر، الذين أضحت معاداة المغرب عقيدة لهم، يؤخر الموت الرحيم لحلم أضحى بعيدا، ويرهن المنطقة والقارة.
خلاصة الأمر، لم يرحموا أنفسهم ولا شعبهم ولا المنطقة المغاربية ولا القارة الإفريقية وهم السبب الرئيسي لتأخر القطار الذي انطلق، وهم يجنون على أنفسهم بإهدار فرص اللحاق به.