وكانت منطقة لكلات التاريخية، الواقعة على مسافة قريبة من الجدار العازل، مسرحا لهذه الاحتفالات، التي اُقِيمت بتنظيم من جهة الداخلة-وادي الذهب، بشراكة مع النيابة الجهوية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، والمديرية الجهوية للثقافة بالجهة، وتعاون مع «جمعية إحياء ذكرى شهداء لكَلات والمحافظة على التراث الحساني». هذه الاحتفالات، المفعمة بالمشاعر الوطنية الجياشة، اِلتأم فيها الحاضرون تحت شعار : «ملحمة لكَلات: وفاء الأبناء في سبيل الوحدة الترابية للبلاد».
وفي كلمة بالمناسبة، قال الخطاط ينجا، رئيس مجلس جهة الداخلة-وادي الذهب، إن «تخليد هذا الحدث التاريخي يُشكّل مناسبة سانحة لتجديد البيعة لمولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده، تلك البيعة التي ارتضاها أجدادنا منذ قرون وأكدها خلفهم جيلا بعد جيل دون انقطاع».
احتفالات «ملتقى لكَلات الوطني».. مُنتخبو وشيوخ جهة الداخلة يُجدّدون ترافعهم عن مغربية الصحراء قرب الجدار العازل
وأضاف ينجا أن «هذه المناسبة تُشكّل فرصة لتأكيد تعلقنا بأهداب العرش العلوي المجيد ودوام ولائنا وإخلاصنا لجلالة الملك حفظه الله، واصلين الماضي بالحاضر ومؤكدين تمسكنا بمغربية الصحراء، وبوحدة التراب والوطن إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها في إطار شعارنا الخالد: الله، الوطن، الملك».
وتابع المسؤول المنتخب كلمته، قائلا إن «تخليد الذكرى الـ69 لعيد الاستقلال المجيد، والذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء المظفرة، يأتي في ظل الدينامية الإيجابية التي يعرفها ملف وحدتنا الترابية، المتمثل في العديد من المكاسب والانتصارات الدبلوماسية المحققة مؤخرا، نتيجة الجهود المكثفة المبذولة تحت القيادة الحكيمة والمتبصرة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، والمتجلية خاصة في فتح قنصليات لمجموعة من الدول الشقيقة والصديقة، بمدينتي العيون والداخلة، ومراجعة العديد من الدول لمواقفها السابقة من الجمهورية الوهمية المزعومة، والتي توجت بمواقف حاسمة بإعلان قرارات تاريخية للجمهورية الفرنسية والولايات المتحدة الأمريكية؛ وإسبانيا وألمانيا وبلجيكا وهولاندا واللوكسمبورغ، وكذا العديد من الدول الأخرى الإفريقية والعربية والأوروبية، ومن أمريكا اللاتينية، والقاضية بالاعتراف بالسيادة التامة والكاملة للمملكة على صحرائنا المغربية، والتي تأتي تكريسا لجهود الدبلوماسية المغربية بقيادة جلالة الملك محمد السادس نصره الله».
واستدرك رئيس الجهة الجنوبية للمملكة، قائلا: «إن بيعة وولاء سكان وقبائل الصحراء للعرش العلوي المجيد لم تكن وليدة الأمس القريب، بل إنها تشكل عقدا تاريخيا ورثناه عن آبائنا وأجدادنا، عبروا من خلاله عن مدى تعلقهم وارتباطهم بالملوك العلويين سليلي الدوحة النبوية الشريفة، فاسترخصوا كل غال ونفيس وفاء لهذا الترابط، فكانوا بالمرصاد لكل الأطماع الأجنبية التي كانت تحوم بالمنطقة، وأبانوا عن شجاعة وبسالة كبيرتين في صفوف المقاومة وجيش التحرير عبر معارك عديدة كـ«أم التونسي»، «وادي الشياف» ،«تكَل» ،«لكَلات» ، «اطويرف» و«العركَوب» وغيرهم من المعارك البطولية...».
واستمرارا لعهد الوفاء والبرور بهم وبأمجادهم، يردف المسؤول ذاته، «وإسهاما منا في صيانة الذاكرة الوطنية والتعريف بملاحم الحرية والاستقلال، فإن هذا الجمع المبارك الذي نلتئم من خلاله اليوم يشكل بالنسبة لنا تكريما و مفخرة و اعتزازا لأسرة المقاومة وجيش التحرير، حيث أن حفظ الذاكرة الوطنية والحفاظ على التراث الوطني، لَقَمِينٌ بالتعريف بتاريخ الشعوب ونضالاتها ونقله للأجيال القادمة، لاستلهام العِبر والدلالات والحرص على التماسك الوطني بين العرش والشعب».
وواصل الخطاط ينجا، قائلا: «لقد انخرطت بلادنا بشكل إيجابي ومنذ سنوات عديدة من أجل إيجاد حل للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، حيث كانت للمغرب الشجاعة الكبيرة في تقديم مبادرة الحكم الذاتي سنة 2007، والذي تمت صياغته في إطار مقاربة تشاورية وتشاركية وديمقراطية ساهمت فيها مختلف الفعاليات والقوى الحية في البلاد، بما فيها شيوخ وأعيان القبائل الصحراوية، وهي المبادرة التي اختارها جلالة الملك محمد السادس نصره الله بحنكة وتبصر كمقترح لحل سياسي يحفظ ماء وجه الجميع، و يمكّن أبناء الأقاليم الصحراوية من تدبير شؤونهم الذاتية في إطار الحفاظ على السيادة المغربية، باعتباره الحل العادل والوحيد الكفيل بطي هذا الملف نهائيا وتحقيق التنمية وضمان الأمن والاستقرار بالمنطقة».
وناشد المسؤول المنتخب «إخواننا في مخيمات تندوف، ومن ورائهم الجزائر، للجنوح للسلم والعودة إلى جادة الصواب، وعدم تضييع هذه الفرصة التاريخية الثمينة للانخراط في مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، لما يضمنه من حقوق ومكتسبات وفرص واعدة لتحقيق ازدهار وتنمية المنطقة وأمنها واستقرارها، ولكونه حلا سياسيا مشرفا للجميع، وذا مصداقية، ويحظى بدعم وتزكية المجتمع الدولي».
وشدد الخطاط ينجا، قائلا: «نُجدّد تشبثنا بالولاء للعرش العلوي المجيد، وانخراطنا المتواصل وتجندنا الدائم وراء جلالة الملك محمد السادس نصره الله، في كل ما يتخذه من تدابير وخطوات من أجل صيانة وتثبيت الوحدة الترابية والوطنية للمملكة، والحفاظ على الأمن والاستقرار بالمنطقة».
واختتم بالقول: «نحن نعقد هذا الملتقى الوطني الهام، في هذا الظرف وفي هذا المكان، في تخوم تيرس وبالقرب من الجدار الأمني، لا يفوتني أن أوجه تحية إجلال وتقدير لقواتنا المسلحة الملكية بكل مكوناتها، تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك محمد السادس نصره الله، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، لتدخلاتهم الباسلة ويقظتهم الدائمة في حماية حوزة التراب الوطني وحفظ الأمن والاستقرار من طنجة إلى لكَويرة، وهو ما يؤكد استعداد المملكة الدائم للتصدي لكل المناورات والدسائس التي تحاك من طرف خصوم وحدتنا الترابية لاستهداف وحدة المغرب وأمنه واستقراره».