لا شك أن معاداتهم للمغرب صارت عقيدة، وهذا ألفناه وصار العالم بأسره يعرفه. لكن المثير هو أن يصبح ذلك سببا في غشاوة على أبصارهم، ويدفعهم لإطلاق الكلام على عواهنه.
في الجزائر لا فرق بين رئيس ووزير ومسؤول يشرب من معين المرادية، والقاسم المشترك هو التحرش بالمغرب دون سبب.
ويبدو أن هذا يقودهم إلى انتحار سياسي يسيء لهم ولبلدهم، وأضحوا أكبر مسيء لسمعته، لأنهم ينطقون بما لا يصدقه عاقل.
ولعل آخر فصل من فصول الإساءة كان عبر منصة أثير، حين حل وزير الخارجية الجزائري، أحمد عطاف، ضيفا على مواطنته، خديجة بن قنة، في برنامج « ذوو الشأن ».
لقد سرح عطاف بخياله، وامتطى صهوة جواد من نوع خاص وراح يسوق أكاذبه ومزاعمه، ظنا منه أن العالم لم يتحول بعد إلى قرية صغيرة، وأن اليد الممدودة من قبل المغرب منذ سنوات، وإعلان الملك عن ذلك في الخطب التي يوجهها للشعب المغربي عن الاستعداد والرغبة في فتح صحة جديدة في العلاقات مع الجارة الشرقية، ليس في علم من يتتبعون كلامه.
إن أكبر مقلب هو أن يوهم المرء نفسه بحقيقة لا وجود لها وينطق بما لا يصدقه أحد، متوهما أن المتلقي يرى أن ذلك الكلام هو الحقيقة المطلقة، بعينها.
ماذا يعني قول عطاف إن بلاده تدفع في اتجاه التوصل سريعا إلى حل مع المغرب؟ عن أي حل يتحدث وهم يحاربون المغرب بكل الوسائل عبر صنيعتهم « البوليساريو »؟ ويواصلون العمل جاهدين من أجل زرع جسم غريب غير معترف به من لدن الأمم المتحدة في كل المنتظمات. ولعل خير شاهد على يد الجزائر التي لم تعد خفية عرقلة القمة السعودية الإفريقية للسبب نفسه.
واصل عطاف مزاعمه بالحديث عن وعي بلاده، على غرار باقي الدول ببناء المغرب العربي، متناسيا أن هذا الوعي يتبخر بمجرد التذكير بخرافة اتحاد عربي دون مغرب التي همست بها بلده في أذن ببغاء تونسي، فراح يرمز إليها بغير وعي، ما أشعل النيران حوله.
إن الواقع الذي أتحدث عنه يؤكده الإعلام العسكري الجزائري، الذي لم يعد ينقصه سوى نشر إعلان حرب، فبلغة ليس بينها وبين الإعلام علاقة، يجري الالتفاف على ما قيل، مع محاولات تحويل الاتجاه نحو المغرب.
قد يكون ترحيب الطيب البكوش، الأمين العام لاتحاد المغرب العربي، بكلام عطاف وراء نسبة معينة من محاولة الاحتواء الجزائري بشكل أو بآخر، لكن عقيدة العداء للمغرب لها بصمة واضحة.
لم يدع البكوش الفرصة تمر، بل استغلها أحسن استغلال حين أكد في بيانه: « نحن في الأمانة العامة لاتحاد المغرب العربي على أتم الاستعداد للمساهمة في هذا التوجه الراقي، ونأمل أن نرى الأطر الشاغرة الثلاثة في الأمانة العامة ترشح لها الجزائر كفاءات في مستوى المرحلة، وهى مدير البنية الأساسية ورئيس قسم التنمية البشرية وخبير البنية الأساسية، بالتزامن مع تسديد المستحقات المتخلدة بالذمة وأن نزف بذلك هذه البشرى الشعوب لمغربنا الكبير ».
إن ما جاء في البيان ينطق بالكثير، كما أنه يخفي وراء سطوره الكثير، فالنظام الجزائري مدين للاتحاد المغاربي، لأنه لا يؤدي ما بذته للاتحاد المغاربي، بالمقابل يصرف على كيان « البوليساريو » الذي يعد شوكة في حلق الاتحاد أموالا كان من الأول أن تصرف لملحة الشعب الجزائري، والاتحاد المغاربي.
تأسيسا على ما سبق نؤكد أن من يتحلقون في قصر المرادية هم أكبر مسيء للجارة الشرقية، طالما أنهم يطلقون تصريحات تجر عليهم وعلى بلدهم المشاكل، وتجعلها محط سخرية.
إن التناقض بين الأقوال والأفعال واضح ولا يختلف حوله اثنان. فالكذب والمراوغة من أهم مقادير طبخة استمرار جمود اتحاد المغرب العربي، عبر العداء الذي تكنه الجارة الشرقية للمغرب.