شكل فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية مفاجأة في العالم كله بعد أن كانت آخر استطلاعات الرأي ترجح فوز المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون. في العالم العربي شكل هذا الفوز مفاجأة أيضا. ورغم أن ترامب عُرف بمواقفة المعادية للمسلمين والمهاجرين كما سبق وهاجم دولا عربية بلهجة شديدة خصوصا السعودية، إلا أن مواقف الدول العربية بشأن فوز ترامب تتباين بشكل كبير على يبدو.
صرح رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، لقناة الحرة الأمريكية، جوابا عن سؤال حول من يفضل للفوز بالانتخابات الأمريكية قائلا "دونالد ترامب شخص يخيفني بعض الشيئ بكل صراحة، وأعرف أن كلينتون التي لم ألتقيها في حياتي هي صديقة للمغرب، فلا أخفيك أنني أتصور أنه من مصلحة الولايات المتحدة الامريكية والعالم كله أن تكون هي الرئيسة".
موقف بنكيران شاطره العديد من السياسيين المغاربة، باستثناء حميد شباط، الذي وقف في صف ترامب، حتى إنه حضر لمؤتمر الحزب الجمهوري الذي أفضى لترشح ترامب للرئاسة.
وتعليقا على مآل العلاقات بين المغرب والولايات المتحدة في عهد الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، اعتبر الباحث في العلوم السياسية عمر العلوي الأستاذ بجامعة محمد الخامس بالرباط، "أنه ثمت ثلاثة محاور تهيمن على مستقبل العلاقات المغربية الأمريكية، أولها الجانب الأمني، حيث أظهر المغرب للدول الغربية حصانته من الهجمات الإرهابية، بل وقدم معلومات قيمة للمخابرات في أوربا من أجل إيقاف عناصر مشبوهة، ويتعين على المغرب، حسب المتحدث، استغلال هذه النقطة الإيجابية لترسيخ العلاقة مع واشنطن، وتقديم المغرب كحليف من المستوى الأول في منطقة شمال إفريقيا".
أما المحور الثاني، حسب العلوي، فهو ما يتعلق بملف حقوق الإنسان، الذي خلقة هوة لا تخفى على أحد في الولايتين التي ترأسهما الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، فيبدو أن هذا الملف، الذي يطفو إلى السطح مع كل تقرير للخارجية الأمريكية، لن يكون ذا أولوية بالنسبة للرئيس ترامب.
أما في الجانب الاقتصادي، فمعلوم أن ترامب كان قد روج خلال حملته الانتخابية، عن عزمه إعادة النظر في اتفاقيات التبادل الحر والاتفاقيات الثنائية الاقتصادية، التي تجمعه بمختلف دول العالم، علما أن الرباط معنية بهذا الأمر، مادامت قد وقعت قبل 10 سنوات اتفاقا للتبادل الحر مع واشنطن، ليؤكد المتحدث أن "العلاقات المغربية الأمريكية "لها بعد استراتيجي" بالنسبة للجانبين، "فمن جهة تعتبر واشنطن المملكة حليف ضمن تصورها العام لشمال إفريقيا وعلاقته بالمصالح الأمريكية بالبحر الأبيض المتوسط ومنطقة الساحل والصحراء، خاصة فيما يخص التنسيق الأمني، فيما تعول الرباط على الإدارة الأمريكية من أجل الدعم الدولي في قضية الصحراء".
أما بخصوص تعويل المغرب على الإدارة الأمريكية الجديدة في قضية الصحراء، فاعتبر المتحدث أن "رؤية الإدارة الأمريكية لهذا الملف تخضع للتركيبة المؤسساتية لصناعة القرار السياسي في الولايات المتحدة، وليس فقط للبيت الأبيض". مضيفا أنه نظرا لـ"تعقد" مراكز صناعة القرار في الولايات المتحدة، فإنه "يصعب على أي رئيس، سواء كان جمهوريا أو ديمقراطيا، أن يتخذ قرارا حاسما في موضوع الصحراء دون مراعاة هذه التركيبة (مؤسسات صناعة القرار في الولايات المتحدة)، لذلك يبقى دائما نوع من الغموض في الموقف الأمريكي تجاه ملف الصحراء".