“دوش بارد"، هكذا شبهت يومية أخبار اليوم، في عدد يوم غد (الأربعاء)، تصريحات أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة الإصلاح والتوحيد الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، إذ انتقد تخلي وزراء الحزب الإسلامي عن "مرجعيتهم الإسلامية في القضايا التي يعالجونها لفائدة مرجعيات أخرى قانونية وسياسية”.
ولم تكتف الجريدة نفسها بتخصيص موضوع صفحتها الرئيس لتصريحات الريسوني، بل خصص مدير نشرها افتتاحيته المطولة للتصريحات نفسها، فرسالة الريسوني، تقول الجريدة نفسها، "احتفت بها يومية التجديد الناطقة باسم حركة التوحيد والإصلاح، علما أنه انتقد "تخلي الوزراء عن مرجعيتهم الإسلامية حسب اعتقاده، وبدأت تصبح فيه المرجعية باهتة ومحتشمة لصالح المرجعيات السائدة، وضرب الريسوني مثلا يجسد برأيه هذا الإغفال بقضية كفالة الأطفال المتخلى عنهم التي خلقت جوا من الاحتقان بين وزير العدل والحريات مصطفى الرميد من جهة، والعشرات من الأجانب الراغبين في كفالة هؤلاء الأطفال والجمعيات الحقوقية من جهة أخرى، إذ انتقد عدم تصريح الوزير بأن السبب الديني هو الذي يمنع تكفلهم بدل القول بالسبب القانوني والسيادة الوطنية”.
من جهتها نقلت جريدة الأحداث المغربية، في عدد غد (الأربعاء)، في ركنها اليومي من صميم الأحداث تصريحات الريسوني حين قال "المهرجانات ليس فيها إهدار للمال العام، وهو نقد صحيح، وليس فيها استبداد وتسلط، وهو صحيح كذلك، وليس فقط لأنها تأتي في وقت الامتحانات.. ولكننا نعارض هذه المهرجانات لأنها أولا وقبل كل شيء وأولا وأخيرا تريد وترمي إلى إفساد الأخلاق، وإضعاف الدين والتدين، وهذه الاعتبارات يجب أن تظل حاضرة وأساسية".
وأوضحت الأحداث المغربية أن من تابع تصريحات الريسوني أخذتهم الدهشة فعلا، ولم يكن "استغرابهم من تغليب كفة "الحلال والحرام في الإسلام" عند الريسوني، فهو تلميذ صغير للقرضاوي، لكنهم اندهشوا لإقحام الدين في السياسة والاقتصاد، وفي الفن وفي كل المناحي، وإن كانت بعيدة عنه، واستغربوا أكثر لاختيار التوقيت الذي جعل العديدين يتذكرون أن حزب العدالة والتنمية كلما ضاق به الحال سياسيا، إلا ولجأ إلى حركة التوحيد والإصلاح من أجل رفع سقف الإنتضار عاليا على سبيل الابتزاز فقط لا غير”.
وخلصت الجريدة أن الأمر لا يعدو" لعبة تبادل الأدوار من الدرجة الدنيا، لكننا ملزمون بتقبلها، فالإخوة اليوم هم الأقوى أو هذا على الأقل ما يدعونه في انتظار أن تتضح الصورة في الختام”.
الصراع الديني والسياسي
لم يتخل يوما أحمد الريسوني، الرئيس السايق لحركة التوحيد والإصلاح المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم، من نقل الخلاف السياسي إلى خلاف ديني، فقد اعتبر، منذ انخراط أعضاء حركة التوحيد والإصلاح في العمل السياسي، موجها لكل برامج حزب العدالة والتنمية، سواء في الاقتصاد والملفات الاجتماعية، بل ساهم في رفع رفع شعارات الحياة العامة، وترشيد إنفاق المال العام ومحاربة الفساد، واقتصاد الريع، واستغلال النفوذ للاغتناء السريع، فضلا عن نفوذ الريسوني في المجال الاجتماعي والخيري المدني.
قبل سنوات غادر الريسوني الحركة الدعوية، لكنه لم يتخل عن حمل زر التحكم عن بعد، خصوصا بعد "ورطة" حزب العدالة والتنمية في بعض القضايا، إذ يتدخل لدعم "إخوانه" أو يزايد على باقي الفرقاء السياسيين و خصوم الحزب الإسلامي حين يطالب بتطبيق البعد الديني في كل القضايا، وهي رسالة إلى أن الحزب لن يخسر شيئا إن تعدد الضربات الموجهة إليه.